تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز ( تقسيم الألفاظ الدالة على معانيها إلى « حقيقة ، ومجاز » ، وتقسيم دلالتها أو المعاني المدلول عليها إن استعمل لفظ الحقيقة والمجاز في المدلول أو في الدلالة ؛ فإن هذا كله قد يقع في كلام المتأخرين ، ولكن المشهور أن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ ، وبكل حال ؛ فهذا التقسيم هو اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة ، لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ، ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم ؛ كمالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي ، بل ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو ؛ كالخليل وسيبويه وأبي عمرو بن العلاء ونحوهم . وأول من عُرف أنه تكلم بلفظ « المجاز » أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه ، ولكن لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة ، وإنما عنى بمجاز الآية ما يعبر به عن الآية ، ولهذا قال من قال من الأصوليين - كأبي الحسين البصري وأمثاله - أنها تُعرف الحقيقةً من المجاز بطرق ، منها نص أهل اللغة على ذلك بأن يقولوا : هذا حقيقة وهذا مجاز ؛ فقد تكلم بلا علم ، فإنه ظن أن أهل اللغة قالوا هذا ، ولم يقل ذلك أحد من أهل اللغة ولا من سلف الأمة وعلمائها ، وإنما هذا اصطلاح حادث ، والغالب أنه كان من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين ، فإنه لم يوجد هذا في كلام أحد من أهل الفقه والأصول والتفسير والحديث ونحوهم من السلف . وهذا الشافعي هو أول من جرد الكلام في « أصول الفقه » ، لم يقسم هذا التقسيم ولا تكلم بلفظ « الحقيقة والمجاز » ، وكذلك محمد بن الحسن له في المسائل المبنية على العربية كلام معروف في « الجامع الكبير » وغيره ولم يتكلم بلفظ الحقيقة والمجاز ، وكذلك سائر الأئمة لم يوجد لفظ المجاز في كلام أحد منهم إلا في كلام أحمد بن حنبل ؛ فإنه قال في كتاب « الرد على الجهمية » في