يستحبه ، وعلى هذا يخرج فعل ابن عمر رضي الله عنهما بأن النبي ( ص ) كان يصلي في تلك البقاع التي في طريقه لأنها كانت منزله ، لم يتحر الصلاة فيها لمعنى في البقعة ؛ فنظير هذا أن يصلي المسافر في منزله ، وهذا سنة ، فأما قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلى فيها اتفاقاً ؛ فهذا لم يُنقل عن غير ابن عمر من الصحابة ؛ بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجاً وعماراً ومسافرين ، ولم يُنقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي ( ص ) ، ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحباً لكانوا إليه أسبق ؛ فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم ، وقد قال ( ص ) : « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة » [1] . وتحري هذا ليس من سنة الخلفاء الراشدين ، بل هو مما ابْتُدِع ، وقول الصحابي إذا خالفه نظيره ليس بحجة ؛ فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة ؟ ! أيضاً ؛ فإن تحري الصلاة فيها ذريعة إلى اتخاذها مساجد والتشبه بأهل الكتاب مما نهينا عن التشبه بهم فيه ، وذلك ذريعة إلى الشرك بالله ، والشارع قد حسم هذه العادة بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وبالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ، فإذا كان قد نهى عن الصلاة المشروعة في هذا المكان وهذا الزمان سداً للذريعة ؛ فيكف يستحب قصد الصلاة والدعاء في مكان اتفق قيامهم فيه أو صلاتهم فيه من غير أن يكونوا قد قصدوه للصلاة
[1] [ صحيح ] . رواه أبو داود في ( كتاب السنة ، باب في لزوم السنة ، 4607 ) ، والترمذي في ( كتاب العلم ، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع ، 2676 ) ؛ من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه . وانظر : « صحيح الترغيب والترهيب » ( 34 ) .