الفرق بين الأمكنة التي قصد النبي ( ص ) الصَّلاة أو الدُّعاء عندها وبين ما فعل فيها ذلك اتِّفاقاً ( الأمكنة التي كان النبي ( ص ) يقصد الصلاة أو الدعاء عندها ؛ فقصد الصلاة فيها أو الدعاء سنة اقتداءً برسول الله ( ص ) واتباعاً له ، كما إذا تحرى الصلاة أو الدعاء في وقت من الأوقات ، فإن قصد الصلاة أو الدعاء في ذلك الوقت سنة كسائر عباداته وسائر الأفعال التي فعلها على وجه التقرب ، ومثل هذا ما خرجاه في « الصحيحين » عن يزيد بن أبي عبيد ؛ قال : كان سلمة ابن الأكوع يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف ، فقلت له : يا أبا مسلم ! أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة ! قال : رأيت النبي ( ص ) يتحرى الصلاة عندها [1] . وفي رواية لمسلم عن سلمة بن الأكوع : أنه كان يتحرى الصلاة موضع المصحف ، يسبح فيه ، وذكر أن رسول الله ( ص ) كان يتحرى ذلك المكان ، وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة [2] . وقد ظن بعض المصنفين أن هذا مما اختلف فيه ، وليس بجيد ؛ فإنه هنا أخبر أن النبي ( ص ) كان يتحرى البقعة ؛ فكيف لا يكون هذا القصد مستحباً ؟ ! نعم ، إيطان بقعة في المسجد لا يصلى إلا فيها منهٌّي عنه كما جاءت به السنة ، والإيطان ليس هو التحري من غير إيطان ، فيجب الفرق بين اتباع النبي ( ص ) والاستنان به فيما فعله وبين ابتداع بدعة لم يسنها لأجل تعلقها به . وقد تنازع العلماء فيما إذا فعل فعلاً من المباحات لسبب وفعلناه نحن تشبهاً به مع انتفاء ذلك السبب ؛ فمنهم من يستحب ذلك ومنهم من لا
[1] رواه البخاري في ( الصلاة ، باب الصلاة إلى الأسطوانة ، 502 ) . [2] رواه مسلم في ( كتاب الصلاة ، باب دنو المصلي من السترة ، 509 ) .