الحديث الضعيف يُروى ويُعمل به في التَّرغيب والتَّرهيب لا في الاستحباب ( قول أحمد بن حنبل : إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد ، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد ، وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال : ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به ؛ فإن الاستحباب حكم شرعي ؛ فلا يثبت إلا بدليل شرعي ، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي ؛ فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم ، ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره ، بل هو أصل الدين المشروع . وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع ؛ كتلاوة القرآن ، والتسبيح ، والدعاء ، والصدقة ، والعتق ، والإحسان إلى الناس ، وكراهة الكذب والخيانة ، ونحو ذلك ، فإذا روى حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها ؛ فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روى فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به ، بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب ، كرجل يعلم أن التجارة تربح ، لكن بلغه أنها تربح ربحاً كثيراً ؛ فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لم يضره ، ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات وكلمات السلف والعلماء ووقائع العلماء ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي ؛ لا استحباب ولا غيره ، ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب والترجية والتخويف .