ولهذا كره أحمد وغيره لباس السواد لما كان في لباسه تشبه بمن يظلم أو يعين على الظلم ، وكره بيعه لمن يستعين بلبسه على الظلم ، فأما إذا لم يكن فيه مفسدة ؛ لم ينه عنه ) [1] كل ما قاله ( ص ) بعد النُّبوَّة وأُقرَّ عليه ولم ينسخ فهو تشريع ( فكل ما قاله بعد النبوة وأُقر عليه ولم ينسخ ؛ فهو تشريع ، لكن التشريع يتضمن الإيجاب والتحريم والإباحة ، ويدخل في ذلك ما دل عليه من المنافع في الطلب ؛ فإنه يتضمن إباحة ذلك الدواء والانتفاع به ، فهو شرع لإباحته ، وقد يكون شرعاً لاستحبابه ؛ فإن الناس قد تنازعوا في التداوي : هل هو مباح أو مستحب أو واجب ؟ والتحقيق أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما هو مباح ، ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب ، وهو ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ، وقد قال مسروق : من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار . فقد يحصل أحياناً للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات ، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة ؛ كالتغذية للضعيف ، وكاستخراج الدم أحياناً . والمقصود أن جميع أقواله يُستفاد منها شرع ، وهو ( ص ) لما رآهم يلقحون النخل قال لهم : « ما أرى هذا - يعني شيئاً - » ، ثم قال لهم : « إنما ظننت ظناً ؛