كافر ، سواء كان مكذباً أو مرتاباً أو معرضاً أو مستكبراً أو متردداً أو غير ذلك وإذا كان أصل الإيمان الذي هو أعظم القرب والحسنات والطاعات ؛ فهو مأمور به ، والكفر الذي هو أعظم الذنوب والسيئات والمعاصي ترك هذا المأمور به ، سواء اقترن به فعل منهي عنه من التكذيب أو لم يقترن به شيء ، بل كان تركاً للإيمان فقط ؛ عُلم أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه . واعلم أن الكفر بعضه أغلظ من بعض ؛ فالكافر المكذب أعظم جرماً من الكافر غير المكذب ؛ فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به وبين التكذيب المنهي عنه ، ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه أعظم جرماً ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب ، ومن كفر وقتل وزنا وسرق وصد وحارب كان أعظم جرماً . كما أن الإيمان بعضه أفضل من بعض ، والمؤمنون فيه متفاضلون تفاضلاً عظيماً ، وهم عند الله درجات ، كما أن أولئك دركات ؛ فالمقتصدون في الإيمان أفضل من ظالمي أنفسهم ، والسابقون بالخيرات أفضل من المقتصدين ، { لا يَسْتَوي القاعِدونَ مِنَ المُؤْمِنينَ غَيْرَ أولي الضَّرَرِ والمُجاهِدونَ في سَبيلِ اللهِ بأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ . . . } [1] الآيات ، { أجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ كَمَنْ آمَنَ باللهِ واليومِ الآخِرِ وَجاهَدَ في سبيلِ اللهِ لا يَسْتَوونَ عِنْدَ اللهِ } [2] . وإنما ذكرنا أن أصل الإيمان مأمور به وأصل الكفر نقيضه ، وهو ترك هذا الإيمان المأمور به ، وهذا الوجه قاطع بين ) [3]