انّ الإصرار على الصّغيرة من جملة الكبائر ثمَّ قال اعني صاحب الجواهر ( - ره - ) انّ دفع ذلك كلَّه بانّ المراد انّ الكبيرة كلَّما توعّد اللَّه عليه بالنّار وبعض الأشياء الَّذي قام الدّليل عليه ينافيه جعل ذلك ضابطا ومن هنا توقّف في الحكم بكبر بعض الأشياء الواردة في السّنة مع عدم دخولها تحت هذا الضّابط ثمَّ قال و ( - أيضا - ) قوله ( - ره - ) خيرا انّه قد يتعقّب الوعيد في الآية خصالا شتّى وأوصافا متعدّدة لا يعلم انّها للمجموع أو للآحاد فلذلك طوينا ذكرها وفيه انّه إذا كان اجتناب الكبيرة شرطا مثلا في تحقّق العدالة وغيرها فلا يمكن الحكم بالعدالة حتّى يعلم اجتناب الكبيرة ولا يكون الَّا باجتناب جميع ما يحتمل أنه كبيرة نعم لو قلنا انّ فعل الكبيرة مانع من الحكم بالعدالة لاتّجه القول بذلك لأنّا لا نعلم انّه كبيرة ولعلَّه ( - قدّه - ) أراد الشكّ في الاندراج في التعريف فيتّجه له ( - ح - ) عدم اجراء حكم الكبيرة على مثله لكون المتيقّن الأخير في الآية وغيره محلّ شكّ فيه انتهى ما في الجواهر وهو كلام موجّه متين الَّا استشهاده في الاعتراض الأوّل بكلمات أهل الرّجال فانّ فيه ما لا يخفى على من استحضر كتب الرّجال من إفراطهم في أمر العدالة ومناقشتهم في الرّاوي بما لم يعلم حرمته فضلا عن كونه كبيرة المسلك الثّالث ما سلكه والشيخ الأجل الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( - قدّه - ) من انّ الكبيرة ما عدّه أهل الشرع كبيرا عظيما وان لم يكن كبيرا في نفسه كسرقة ثوب ممّن لا يجد غيره مع الحاجة والصّغيرة ما لا يعدّونه كبيرا كسرقته ممّن يجده وكانّ مبناه هو انّ لفظ الكبيرة أو الكبائر ممّا وقع في الكتاب والسّنة ولم يثبت فيه حقيقة شرعيّة وقد تقرّر في محلَّه انّ ما لم يثبت فيه حقيقة شرعيّة من ألفاظ الكتاب والسّنة يجب حمله على ما يفهم منه عرفا واعترضه في الجواهر بأنّه يلزمه مخالفة كثيرة ممّا جاءت به الأخبار المعتبرة الدّالة على كون الشيء من المعاصي كبيرة بل بعض ما توعّد اللَّه عليه بالنّار على انّه ان أراد بأهل الشّرع عامّتهم فهم قد يستعظمون ما علم انّه من الصّغائر في الشرع وبالعكس وان أراد العلماء فكلامهم مضطرب في الكبيرة اللَّهم الَّا ان يريد ان العلماء والعوام يستعظمونه مع الغفلة عن بحث الكبائر والصّغائر لكن على كلّ حال هو ضابط غير مضبوط فانّ الذّنب قد تستعظم من جهة قلَّة وقوعه وترتّب مفاسد أخر عليه ونحوه وقد لا يستعظم من جهة تعارفه ونحوه انتهى وهو اعتراض موجّه متين وربّما أورد الشيخ الوالد العلَّامة أنار اللَّه برهانه على مبنى الشيخ كاشف الغطاء ( - ره - ) أوّلا بأنّه انّما يتمّ بالنّسبة إلى المفاهيم فإنّها هي الَّتي يعوّل فيها على العرف لاستفادتها من ألفاظ الكتاب والسّنة دون المصاديق وما نحن فيه من قبيل الثّاني وثانيا بأنّه لا يتمّ الَّا فيما لم يرد به نصّ وبيان عنهم عليهم السّلام وقد ورد البيان فيما نحن فيه المسلك الرّابع ما نقل عن بعضهم من انّك ان أردت أن تعرف الفرق بين الصّغيرة والكبيرة فأعرض مفسدة الذّنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فان نقصت عن أقلّ مفاسدها فهي من الصّغائر والَّا فمن الكبائر مثلا حبس المحصنة للزّنا بها أعظم مفسدة من القذف مع انّهم لم يعدوه من الكبائر وكذا دلالة الكفّار على عورات المسلمين ونحو ذلك ممّا يفضي إلى القتل والسّبي والنّهب فانّ مفسدته أعظم من مفسدة الفرار من الزّحف قيل ومنه يخرج الوجه في قول من قال إلى السّبعمائة أقرب منها إلى سبعين أو سبعة وفيه ان مفاسد المعاصي مستورة علينا كما انّ مصالح العبادات مجهولة عندنا بل فيما عدّ من الكبائر ما لا نجد فيه قبحا أو نجد فيه وهنا يسيرا كالإسراف المعدود من الكبائر فإنا لا نجد فيه مفسدة واضحة تنتهي به إلى حدّ الكبيرة بل ربّما أمكن استشعار سهولة الأمر فيه ممّا رواه في محكي العيون عن الرّضا عليه السّلام قال ليس في الدّنيا نعيم حقيقي فقال له بعض الفقهاء عمّن حضره فيقول اللَّه سبحانه * ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) * ما هذا النّعيم في الدّنيا ا هو الماء البارد فقال له الرّضا عليه السّلام وعلى صوته كذا فسّرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد وقال غيرهم هو الطَّعام الطيّب وقال آخرون هو طيب النّوم ولقد حدّثني أبى عليه السّلام عن أبيه أبي عبد اللَّه عليه السّلام ان أقوالكم هذه قد ذكرت عنده في قول اللَّه عزّ وجلّ * ( لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) * فغضب وقال انّ اللَّه عزّ وجلّ لا يسئل عباده عمّا تفضّل عليهم به ولا يمتنّ بذلك عليهم والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عزّ وجلّ ما لا يرضى المخلوقون به ولكن النّعيم حبّنا أهل البيت وموالاتنا يسئل اللَّه تعالى عنه بعد التّوحيد والنبوّة لأنّ العبد إذا وفى ذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الَّذي لا يزول المسلك الخامس ما سلكه صاحب الجواهر ( - ره - ) فإنّه قال الَّذي يظهر انّ الكبائر لم يثبت لها حقيقة شرعيّة بل هي باقية على معناها اللَّغوي والمراد بها هنا كلّ معصية عظيمة في نفسها لا من جهة المعصىّ وذكر في معرفة ذلك وجوه أحدها ورود الأخبار بأنّه كبيرة وقال انّ الَّذي يتحصّل منها بعد إلغاء مفهوم العدد في بعضها أو حمله على معنى لا ينافي المطلوب كالاكبريّة ونحوها أربعون الأوّل الكفر باللَّه الثّاني إنكار ما انزل اللَّه الثالث اليأس من روح اللَّه الرّابع الأمن من روح اللَّه الخامس الكذب على اللَّه ورسوله صلَّى اللَّه عليه وآله وعلى الأوصياء صلوات اللَّه عليهم وعن رواية مطلق الكذب السّادس المحاربة لأولياء اللَّه ( - تعالى - ) السّابع قتل النّفس الَّتي حرم اللَّه الثّامن معونة الظالمين التّاسع الكبر العاشر عقوق الوالدين الحادي عشر قطيعة الرّحم الثاني عشر الفرار من الزّحف الثالث عشر التعرّب بعد الهجرة الرابع عشر السّحر الخامس عشر شهادة الزّور السّادس عشر كتمان الشّهادة السّابع عشر اليمين الغموس الثّامن عشر نقض العهد التّاسع عشر تبديل الوصيّة العشرون أكل مال اليتيم ظلما الحادي والعشرون أكل الرّبا بعد البيّنة الثّاني والعشرون أكل الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهل لغير اللَّه الثّالث والعشرون أكل السّحت الرّابع والعشرون الخيانة الخامس والعشرون الغلول وعن رواية مطلق السّرقة السّادس والعشرون البخس في المكيال والميزان السّابع والعشرون حبس الحقوق من غير عذر الثامن والعشرون الإسراف والتبذير التاسع والعشرون الاشتغال بالملاهي الثلاثون القمار الحادي والثلاثون شرب الخمر الثاني والثلاثون الغناء الثالث والثّلثون الزّنا الرابع والثّلثون اللَّواط الخامس والثلاثون قذف المحصنات السّادس والثلاثون ترك الصّلوة السّابع والثّلثون منع الزّكوة الثامن والثّلثون الاستخفاف بالحجّ التّاسع والثلاثون ترك شيء ممّا فرض اللَّه ( - تعالى - ) الأربعون الإصرار على الذّنب ثانيها توعّد النّار عليها في الكتاب أو السّنة صريحا أو ضمنا ثالثها ان لا يكون عليها توعّد بالنّار ولكن يكون قد وقع التشديد على الفعل أو التّرك تشديدا يكون أعظم من التوعّد بالنّار كالبراءة منه ولعنه وكونه كالزّاني بامّه مثلا ونحو ذلك ممّا يعدّ لعظمته أزيد من التوعّد بالنّار بعد فرض أنّه معصية رابعها ان يكون ممّا بقي عظمته في أنفس أهل الشرع وان لم نعثر على غير النّهى هذا ما أفاده في الجواهر بتغيير يسير موجب لسهولة تحصيل مقصده وقال الشيخ الوالد العلَّامة أعلى اللَّه تعالى في الجنان مقرّه ومقامه انّ هذا الطَّريق الأخير يشبه