قال قال أبو جعفر عليه السّلام خالطوهم بالبرانيّة وخالفوهم بالجوانيّة إذا كانت الإمرة صبيانيّة وما رواه محمّد بن علي بن الحسين في الخصال عن أبيه عن سعد عن أيّوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن مدرك بن الهزهاز عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال رحم اللَّه عبدا اجترّ مودّة النّاس إلى نفسه فحدّثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون وبعض هذه الأخبار وإن كان قابلا للمناقشة في الدّلالة على الوجوب الَّا ان بعضها الأخر دال عليه فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه والمباح ما كان التحرّز عن الضّرر وفعله مساويا ( - اه - ) ( 1 ) لا تخلو العبارة من حزازة وإن كان المقصود واضحا فان ضمير فعله يرجع إلى الضّرر ولا معنى لفعل الضّرر وقد كان الأولى ان يقول ما كان التحرّز عن الضّرر وفعل المضرّ وارتكابه متساويين في نظر الشارع قوله طاب ثراه ويدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين ( - اه - ) ( 2 ) أشار بذلك إلى ما رواه الكليني ( - ره - ) عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن زكريّا المؤمن عن عبد اللَّه بن أسد عن عبد اللَّه العطَّار قال قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما ابرأا عن أمير المؤمنين عليه السّلام فبرئ واحد منهما وأبى الأخر فخلَّى سبيل الَّذي برئ وقتل الأخر فقال امّا الَّذي برئ فرجل فقيه في دينه وامّا الَّذي لم يبرئ فرجل تعجّل إلى الجنّة قوله طاب ثراه كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر ( - اه - ) ( 3 ) الحال في إظهار كلمة الكفر مثل الحال في البراءة عن أهل البيت عليهم السّلام فيتّضح هذا بما يأتي إنشاء اللَّه تعالى من توضيح تلك والبعض الَّذي نقل عنه رجحان التّرك لعلَّه الشهيد ( - ره - ) فإنّه قال في ( - عده - ) ما لفظه التقيّة تبيح كلّ شيء حتّى إظهار كلمة الكفر ولو تركها ( - ح - ) إثم إلَّا في هذا المقام ومقام التبرّي من أهل البيت عليهم السّلام فإنّه لا يأثم بتركها بل صبره امّا مباح أو مستحب وخصوصا إذا كان ممّن يقتدى به انتهى ولكن جعل ذلك مثالا للتقيّة المكروهة محلّ مناقشة لابتنائه على كون ترك المستحبّ مكروها كما أشار الماتن ( - ره - ) اليه وهو في محلّ المنع كما حقّق في محلَّه وبيان المراد بالمكروه هنا لا يدفع الإيراد وما ادرى ما الَّذي دعاهم إلى تقسيم التقيّة إلى أقسام خمسة حتّى يلتجأوا إلى هذه التمحلات الصّادرة منه ( - قدّه - ) ومن الشهيد ( - ره - ) قوله طاب ثراه والمحرّم منه ما كان في الدّماء ( 4 ) أقول حرمة التقيّة في الدّماء وعدم جواز قتل أحد ممّن دمه محترم تقيّة من المسلَّمات الإجماعيّات بل الضّروريّات حتّى صار بينهم كالمثل السّائر انّه لا تقيّة في الدّماء والأصل في ذلك انّ شرع التقيّة وتسويغها انّما هو لحفظ النّفس المحترمة فلا يعقل الإذن في إتلاف نفس الغير لحفظ نفسه للزوم نقض الغرض إلَّا إذا كان المحفوظ نفس نبيّ أو وصىّ والأخبار النّاطقة بأنّه لا تقيّة في الدّماء كثيرة وفي بعضها الإشارة إلى ما لوّحنا اليه من العلَّة ففي الصّحيح الَّذي رواه الكليني ( - ره - ) عن أبي على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان عن شعيب الحدّاد عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال انّما جعل التقيّة ليحقن بها الدّم فإذا بلغ الدّم فليس تقيّة وروى الشيخ حسن بن الشيخ الطَّوسي ( - رهما - ) بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار عن يعقوب يعنى ابن يزيد عن الحسن بن علىّ بن فضّال عن شعيب العقرقوفي عن أبي حمزة الثّمالي قال قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام لم تبق الأرض الَّا وفيها منّا عالم يعرف الحقّ من الباطل وقال انّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدّم فإذا بلغت التقيّة الدّم فلا تقيّة وأيم اللَّه لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل إنّما نتّقي ولكانت التقيّة أحبّ إليكم من ابائكم وأمّهاتكم ولو قد قام القائم عجّل اللَّه تعالى فرجه ما احتاج إلى مسائلتكم عن ذلك ولا قام في كثير منكم من أهل النّفاق حد اللَّه قوله طاب ثراه كالترتيب في تسبيح الزّهراء صلوات اللَّه عليها وترك بعض فصول الأذان ( 5 ) أقول امّا تسبيح الزّهراء سلام اللَّه عليها فترتيب العامّة فيه هو تقديم التّسبيح ثمَّ التحميد ثمَّ التكبير عكس المشهور بيننا وظاهر بعضهم عدم الخلاف لهم في ذلك وانّ خلافهم في العدد فبين قائل بأنّها تسع وتسعون يتساوى التسبيحات الثّلث عددا وبين قائل بأنّها مائة بزيادة واحدة في التكبيرات وامّا القول بأنّها مائة مقدّم فيها التكبير على التحميد والتحميد على التسبيح فقد قيل انّه ليس لأحد منهم وامّا في الأذان فإنّ فصوله عند علمائنا ثمانية عشر التكبير أربعا وكلّ من الشهادتين والدّعاء إلى الصّلوة والى الفلاح والى خير العمل والتكبير والتّهليل مرّتان مرتان وخالف الجمهور في ذلك تارة في عدد التكبير في أوّله فأبو حنيفة والشّافعي وأبو يوسف واحمد والثوري ومالك على انّه مرّتان وأخرى في الدّعاء إلى خير العمل فإنّهم منعوه وأطبقت الإماميّة على استحبابه وكونه جزء منه وثالثة في عدد التّهليل في أخره فإنّهم كافّة اقتصروا على مرّة وأطبقت الإماميّة على انّه مرتان قوله طاب ثراه وفي بعض ما ذكره ( - ره - ) تأمّل ( 6 ) لعلّ هذا البعض الَّذي جعله محلّ التأمّل هو جعله التقيّة المستحبّة مطلق التقيّة في المستحبّ فانّ فيه ان استحباب الفعل لا ينافي وجوب التقيّة فيه بالجري على مذاق المتّقى منه فان شرع التقيّة لحقن الدّم فإذا كان الإتيان بمستحبّ على طريقنا سببا لالتفات الخصم إلى كون الفاعل شيعيا وإيذائه له بإراقة دمه أو إتلاف ماله ونحو ذلك حرم الإتيان بذلك المستحبّ على طبق طريقنا فاستحباب الفعل لا يستلزم استحباب التقيّة فيه كما انّ وجوبه لا يستلزم وجوب التقية فيه لدوران وجوب التقيّة وعدمه مدار خوف الضّرر وعدمه فمع خوف الضّرر تجب التقيّة واجبا كان الفعل أو مستحبّا ومع عدمه لا تجب واجبا كان أو مستحبّا فقد تجب التقيّة في المستحبّ بل والمباح وقد لا تجب في الواجب كما هو ظاهر وبالجملة فنتيجة استحباب الفعل انّما هو جواز تركه ولا ملازمة بين ذلك وبين استحباب التقيّة فيه على تقدير الإتيان به مع وجود مقتضى وجوب التقيّة فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه والأصل في ذلك أدلَّة نفى الضّرر وحديث رفع عن أمتي تسعة ( - اه - ) ( 7 ) أمّا أدلَّة نفى الضّرر فتسمعها في رسالة نفى الضّرر إنشاء اللَّه تعالى وامّا حديث الرّفع فالمراد به المرويّ في التوحيد في باب الاستطاعة وفي الخصال ومن لا يحضره الفقيه في الصّحيح عن حريز بن عبد اللَّه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال قال رسول اللَّه ( - ص - ) رفع عن أمتي تسعة أشياء الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا اليه والطَّيرة والحسد والتفكَّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الإنسان بشفة وروى أحمد بن محمّد بن عيسى في محكي نوادره عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال سمعته يقول وضع عن هذه الأمّة ستّ خصال الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا اليه وروى العيّاشي في تفسيره عن عمرو بن مروان الخزّاز قال سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام يقول قال رسول اللَّه عليه وآله رفعت عن أمّتي أربع خصال ما اضطرّوا اليه وما نسوة وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا وذلك في كتاب اللَّه عزّ وجلّ * ( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَه عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا ) * به وقول اللَّه * ( إِلَّا مَنْ أُكْرِه وقَلْبُه مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمانِ قوله طاب ثراه مضافا إلى عمومات التقية ( - اه - ) ( 8 ) قلت والى طائفتين أخريين من الأخبار الأولى ما نطق من الأخبار