من قبيل ذكر العام بعد الخاص وهو غير مستبشع ولا دليل على منعه وتوضيح الجواب ما ذكره هو ( - ره - ) من انّ ما دلّ على المنع من استعمال المشترك في معنييه امّا عدم ثبوت الاستعمال وهو فيما نحن فيه ثابت ولا يمكن إنكاره ظاهرا وامّا لزوم التّناقض لو أدخلنا الوحدة وهو هنا غير موجود وليس كون شيء تأكيدا وتأسيسا منحلَّا إلى معنيين حتّى يمنع منه ولم نجد مانعا من ذلك فعلى المستدلّ البيان ووقوعه عند أهل العرف كاف في صحّته ولا يصغى إلى قيام الدليل بعدم جوازه مع انّا نقول نحمله على التأكيد بقرينة ما مرّ من كلامه من سبق أكثر الأحكام وندّعي دخول محلّ بحث الأصحاب تحته للعلم بغلبة وقوع العقود وعدم إمكان تأخير حكمه إلى أخر أيّام النّبي صلَّى اللَّه عليه وآله حتّى يعلم بسورة المائدة فيصير المشكوك فيه داخلا تحت الدّليل مرّتين أو نقول غاية الأمر الإجمال في كونه تأكيدا أو تأسيسا ابتداء فنقول هذا لا يضرّ في إثبات صحة العقود المشكوكة لأنّا نقول إن كان هذا المشكوك فيه ممّا علم وجوب الوفاء به قبل هذه الآية فهو صحيح وإن كان لم يعلم قبل ذلك فهو داخل في الآية لأنّها تأسيس على الظَّاهر وهو أولى من التّأكيد فيكون المشكوك فيه معلوم الصّحة أمّا بالآية أو قبلها وهو المطلوب خامسها ما حكاه الفاضل المتقدّم ذكره أيضا من انّ العقد هو العهد الموثّق فعلى فرض العموم يدلّ على صحة كلّ عقد موثّق والعقد الفقهي ما لم يثبت صحّته ولزومه فهو غير موثّق واللَّازم من ذلك ( - ح - ) الدّور لتوقّف إثبات الصحة شرعا بالآية على ثبوت الاستيثاق في العقد المشكوك وتوقّف ثبوته على ثبوت الصحّة واللَّزوم الشّرعي إذ ما عداه غير موثّق ولو سلَّم حصول التوثيق بالعرف أيضا من دون حاجة إلى شرع نقول أيضا هذا لا ينفع في مقام الاستدلال إذ المقصود إثبات صحّة كلّ عقد معروف أو غيره وليس في شيء من ذلك استيثاق ومجرّد بناء المتعاقدين على عدم الفسخ لا يجعل ذلك موثقا لانّ ذلك انّما هو معنى أصل العهد فانّ المراد به العزم على الإتيان دون الفسخ فما لم يثبت استيثاق لا يدخل في الآية وانّى للمستدلّ بإثباته ثمَّ انّه أجاب أوّلا بانّ من فسّر العقد بالعهد المؤكَّد صرّح بدخول عقود النّاس فيه فهو كاشف عن ارادته من التّوثيق معنى هو موجود فيها والا لم يصرّح بدخولها وثانيا بأنّه معارض بذكر أهل التّفسير وكثير من أهل اللغة دخول البيع ونظائر ذلك تحت العقد من دون إشارة إلى كون الدّخول من جهة لزومه الموجب للتّوثيق وثالثا بانّ تصريح أهل التفسير على العموم قرينة على عدم إرادة التوثيق بما ذكروا رابعا بأنّه قد ذكر في الأخبار إطلاق العقد على هذه العقود المعروفة غالبا وهو كاشف عن دخولها تحت العقود في الآية من دون حاجة إلى اعتبار معنى التوثيق أو كفاية ما هو المعتبر في العقد في حصوله وخامسا بانّ العهد لمّا كان يتحقّق من جانب واحد فيكون من الجانبين وثوقا عرفا إذ لا ريب في انّ ما هو من الطَّرفين أوثق ممّا هو من الواحد وهو موجود في العقود كلَّها وإلى هذا المعنى يشير قول بعض أهل اللَّغة انّ العهد يصير من جانب والعقد لا يكون الَّا بين اثنين وسادسا بانّ التوثيق ليس إلَّا التّأكيد والمبالغة ولا ريب انّ حقيقة العهد ليست الَّا الالتزام وهو يوجد بعقد القلب من دون حاجة إلى شيء أخر والعقود الفقهيّة يراد فيها الألفاظ بالصّيغ الخاصّة الجامعة لصراحة الدّلالة وغيرها ممّا اعتبر فيها وان هذا الَّا توثيق العهد الصّادق بمجرّد النية بلا شبهة فالمناقشة في كون العقود الفقهيّة عقدا لغة موهون جدّا سيّما مع إطلاق بعض أهل اللغة كونه بمعنى العهد أو الرّبط بين شيئين فتدبّر قلت للخصم رمي الأجوبة الأربعة الأولى بسهم واحد وهو انّ البيع ونحوه من العقود المتعارفة ممّا علم استيثاقه من الأدلَّة الشرعيّة فلا وجه لقياس ما لم يعلم استيثاقه عليها نعم الجوابان الأخيران لا بأس بهما ظاهرا فتدبر جيّدا سادسها ما حكاه الفاضل المذكور أيضا من انّ العقد إذا صار بمعنى العهد فنقول للعهد معان كثيرة منها الوصيّة والأمر واليمين وغير ذلك وما نحن بصدد إثباته ليس داخلا في شيء من ذلك ولو سلَّم ان يكون للعهد معنى يشمل المبحوث عنه فإرادته منه في الآية غير معلومة فيمكن ان يراد الوصايا الإلهيّة الموثّقة أو التكاليف اللَّازمة أو يراد مطلق الوصايا أو يراد الأوامر والأيمان والضّمانات وأقول مجمل الجواب انّك قد سمعت من أهل اللَّغة إطلاق العقد على عقد البيع والعهد واليمين وذلك يكفينا في الاستدلال بعموم الآية والجواب تفصيلا ما ذكره الفاضل المذكور بقوله وأنت خبير بانّ هذا الكلام من الوهن بمكان أمّا أوّلا فلانّ تفسير أهل اللَّغة العقد بمعنى العهد لا يجعله قابلا لهذه الشقوق إذ هذا الكلام انّما هو فيما لو أطلق لفظ العهد وبينهما فرق عميق وامّا ثانيا فلانّ المفسّرين له بمعنى العهد ادخلوا فيه العقود الفقهيّة كما ذكر في عبارة أهل اللَّغة وعبائر أهل التّفسير فلا وجه للرّمي بالإجمال وامّا ثالثا فلانّ عدّ هذه الأمور معاني للعهد ممنوع إذ كلَّها مندرج تحت معنى عامّ هو المسمّى بالعهد وليس مشتركا لفظيّا حتّى يقع الإجمال ولا يخفى كونه مشتركا معنويّا على من له ربط بطريقة أهل اللَّغة والعرف وانس بضوابط أهل الاشتقاق فاللائق إرادة كلّ ما هو عهد وإلزام والتزام وتوطئة وتمهيد وهو شامل لسائر ما ذكره كما يشمل كل العقود هذا مع ما في كلام أهل التفسير وكلمة الأصحاب من الشّهادة على دخول العقود الفقهية في الآية المرجح لهذا الاحتمال المخرج عن الإجمال سابعها ما حكاه هو ( - ره - ) أيضا من انّ العقد على ما علم من اللَّغة هو الجمع بين شيئين بحيث يعسر الانفصال فإذا كان هو المعنى الحقيقي فيكون المراد في الآية معناه المجازي فيتّسع دائرة الكلام ومجال الجدال في الآية كما لا يخفى وأجاب عنه بانّ العقد في كلامهم انّما هو العهد كما عرفت أو مطلق الرّبط بحيث يشمل المحسوس وغيره ولو فرض اختصاصه بما ذكره فنقول لا ريب انّ الآية لا يراد بها انّ الأشياء الَّتي جمعتم بينها واوصلتم بعضها ببعض لا تفضلوا بينها إذ هذا لا ربط له بمنصب الشّرع وليس مراد اللَّه تعالى انّ من وصل حبلا بحبل أو بعيرا بحمار أو خشبا بجدار يحرم ان يفصل بينهما الَّا ان يراد بها أقرب المجازات وليس الَّا ارتباط المعاملات والشروط ونحو ذلك وما قبله العباد من الالتزام بالتكاليف الإلهية والرّوابط المجعولة بين الصّانع وبين مخلوقاته وهو شامل لمحلّ البحث ويؤيّده اطباق كلمة المفسّرين على هذا المعنى في الجملة فلا مجال للتكلم في الآية بما يوجب نقضا في الدّلالة فلا تذهل ثامنها ما صدر من بعض مشايخ العصر ( - قدّه - ) من انّ الملكيّة واقعا تنقسم إلى مستقرّة ومتزلزلة وقد جعل الشّارع لكلّ منهما سببا وعقدا خاصّا وليس في الواقع سبب يقتضي الملكيّة المطلقة و ( - ح - ) فإن كان مدلول العقد ومسبّبه وأثره عرفا هي الملكية المستقرّة كان أخذه منه بغير رضاه نقضا لمقتضي العقد وحراما وإن كان مدلوله وأثره ومسبّبه الملكيّة المتزلزلة لم يكن ذلك ( - كك - ) وان جهل المعرف مدلوله الواقعي مع الجزم بإفادته للملك في الجملة فلا محيص عن توقّفهم عن كونه ذلك نقضا أوليس بنقض ودعوى القطع بانّ المدلول العقد مع قطع النّظر عن الشّرع انّما هي الملكيّة المستقرّة فيتعيّن الأوّل ويتمّ المطلوب ممّا لا ينبغي الإصغاء إليها كما لا يخفى على من راجع وجدانه وأنصف من نفسه ثمَّ استشهد على مرامه بالأخبار المفسّرة للعقد في الآية بالعهد بتقريب عدم