لا يصدر من جاهل غبي ، فكيف يصدر عن مثل هارون النبي عليه السلام ، وكيف تأتي له ذلك الاعتذار عند موسى ( ع ) وتفرق بني إسرائيل - على تقديره - أهون من تصوير هارون لهذه الصورة ، واتخاذها آلها يعبد فكيف خشي على بني إسرائيل من التفرق ، ولم يخش عليهم من الكفر والشرك ، وقد قال له موسى : " يا هارون أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " ؟ . فقال داود - ومن معه من اليهود - : وأي مانع من ذلك وقد أعان ذلك أيضا جبرئيل ( ع ) وقصته مذكورة في التوراة كقصة هارون ( ع ) فقال لهم - أيده الله تعالى - : إن جبرئيل لم يعن على ذلك ، ولا في التوراة شئ مما هنالك ، وانما السامري وجد أثر الحياة من اثر فرس جبرئيل ، فأغوى القوم بهذه الوسيلة ، وما على جبرئيل من ذلك شئ ، ولا على الله سبحانه وتعالى حيث خلق السبب الذي به وقعت الفتنة ، كما خلق أسباب الزنا والقتل ، وغيرهما من المعاصي ، فإنها لا تقع إلا لأسباب وآلات مخلوقة وليس ذلك من باب الإعانة على الكفر والمعصية ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . وفى الفصل الرابع من السفر الخامس في ذكر العجل وتوبيخ بني إسرائيل على عبادته - قال " وعلى هارون توجد الله وجدا ، وكاد ينفذه فاستغفر له أيضا في ذلك " . وهذا صريح في شناعة هذا العمل وفظاعته ، وان الله قد توجد به على هارون فكيف تقولون انه لا مانع منه ؟ ويقرب من هذه القصة في الشناعة والفظاعة ما وقع في التوراة من قصة لوط مع ابنتيه ، فان في الفصل الثالث والعشرين من السفر الأول من التوراة : " إن لوطا لما صعد من " صوغر " وأقام في الجبل وابنتاه