لتعلّق الحكم في الأوّل ، وإفساد الحال بكون الموضوع قابلا بذاته لتعلّق الحكم في الثاني . مثلا : وصول الدهن إلى فتيلة السراج شرطٌ لإضاءة السراج ، وهبوب الريح مانع ، وليس عدم هبوب الريح ممّا يتمّ به اقتضاء الإضاءة . وكذا سوء خُلق العالِم أو الشخص المتعزّز أو المتموّل مانعٌ عن ميل النفس وليس حُسن الخلق شرطاً للميل ؛ إذ كلٌّ من العلم والعزّ والتموّل ممّا يقتضي ميل النفس لكن حُسن الخلق شرطٌ لميل النفس في الجاهل والشخص الذليل والفقير ؛ لكون الجهل والذلّ والفقر ممّا يوجب انزجار النفس . إلاّ أن يقال : إنّ حُسن الخلق على ذلك سبب لمَيل النفس ، لا شرط له ، كما أنّ منع الثقيل عن الهبوط من باب المانع ، ولا مجال لكون عدمه من باب الشرط . وكذا عدم تعاهُد بعض الأفراد شرط لحمل المفرد المعرّف باللام على العموم بحكم الحكمة ؛ لأنّ الحمل على العموم مبنيّ على مساواة الأفراد ، والتعاهد موجبٌ للرجحان . فالتعاهد لا يكون من باب المانع ، بل عدمه من باب الشرط ؛ إذ اقتضاء الحكمة للحمل على العموم منوطٌ بانتفاء العهد ؛ قضيّة رجحان المعهود . والمدار في المانع على منع الاقتضاء ، بل استكماله . ونظير ذلك : أنّ الواجب وإخوانه مصطلحات في الأفعال ، والمدار بحكم العقل في الواجب على ثبوت المصلحة فيه ، وفي الحرام على ثبوت المفسدة فيه ، وفي المستحبّ على ثبوت الرجحان فيه ، وفي المكروه على ثبوت الحزازة فيه . فترك الواجب لا يقتضي ترتُّب المَفسدة ، وترك الحرام لا يقتضي ترّتُب المصلحة ، وترك المستحبّ لا يقتضي تطرُّق الحزارة ، وترك المكروه لا يقتضى تطرُّق الرجحان ، فترك الواجب ليس من قبيل فعل الحرام ، وترك الحرام ليس من قبيل فعل الواجب . وقِسْ حال ترك المستحبّ وترك المكروه . ومع قطع النظر عن حكم العقل فالظاهر من التعمُّد بالأمر وجوباً أو ندباً إلى