ومن هذا أنّ القول بوجوب متابعة أقوى الظنّين من صاحب المعالم في الدليل الرابع ( 1 ) ليس بالوجه إن كان الغرض من أقوى الظنّين هو الأقوى من الظنّين شخصاً ، كما فهمه المحقّق القمّي ( 2 ) . لكنّ الظاهر أنّ الغرض الأقوى من الظنّين نوعاً ، كما حرّرناه في الرسالة المعمولة في حجّيّة الظنّ ، بخلاف الظنّ بالاختلاف من الضدّين . وقد تقدّم مزيد الكلام . ومع هذا أقول : إنّ مقتضى كلامه قبول الجرح والتعديل في صورة الشكّ ، ويبعُد منه التزامه به ؛ لعدم ارتباطه بوجه يقتضيه ؛ إذ لا يتصوَّر وجهٌ لصحّته غير اعتبار الظنّ النوعي ، وهو مخصوص بباب ظواهر الحقائق وسند الأخبار الصحيحة ، ولا يرتبط بالمقام . إلاّ أن يقال : إنّ القولَ باعتبار خبر العدل في صورة الشكّ وعدم إفادة الظنّ بالواقع بعضُ الأقوال في باب خبر العدل ، والكلام في هذا الباب إنّما يتأتّى في الإخبار عن المضمون - ك " قام زيد " و " قعد عمرو " ومنه نقل فعل المعصوم أو تقريره - لا الإخبار عن مخبر بالإخبار ، كما لو أخبر زيد عن عمرو أنّه قال : مات خالد ، ومنه أكثر الأخبار الشرعيّة ؛ لابتنائه على نقل قول المعصوم . والكلام في هذه الجهة لا يرتبط بالكلام في السَنَد ؛ لعدم توسُّط الواسطة ، ولا بالكلام في الدلالة كما لا يخفى ، فليس القول باعتبار الجرح والتعديل من العدل مع الشكّ بالمكان الذي أظهر من البُعد . إلاّ أن يقال : إنّه لم يُعهد منه القول باعتبار خبر العدل مع الشكّ . مع أنّ الكلام في الجرح والتعديل لا يختصّ بالعدل ، ولا سيّما بناءً على اختصاص العدالة بالإيمان ، وإن أمكن القول بأنّ الفرد الظاهر من المتنازع فيه في
1 . انظر معالم الدين : 193 . 2 . القوانين المحكمة 1 : 440 .