وبعدُ يمكن أن يكون المقصود من القول المزبور عدم ظهور الخلاف في مورد الجرح أو التعديل ، أعني الخلاف الشخصيّ رأساً ، ولا بأس به . وإلى ذلك يرجع أيضاً ما ذكره الوالد الماجد ( رحمه الله ) : من وجوب الفحص عن جرح الرواة وتعديلهم ، بخلاف الجرح والتعديل في المُرافعات وأمثالها . وقال السيّد السند المحسن الكاظمي بعد نقل ما حكم به صاحب المعالم : قلت : هذا وإن كان لا يُعرف لغيره إلاّ أنّه ليس بذلك البعيد ، لكن الوجدان يخصُّ [ ذلك ] ( 1 ) بما إذا كانت مظنّة اختلاف دون ما لم يكن كذلك ، فإنّ الاختلاف في الرواة لم يبلغ في الكثرة حدّاً يكون عدمه مرجوحاً ؛ ليكون التعويل على التعديل من دون بحث ، تعويلا على المرجوح كما قلنا في العموم والخصوص ؛ لظهور الفرق بينهما ، كيف لا ! ؟ وقد قيل هناك : ما من عامّ إلاّ وقد خُصّ ( 2 ) . ومرجع كلامه إلى التفصيل بين ما لو ظنّ بوجود المعارض فيجب الفحص ، وغيره - كما هو الغالب ؛ لعدم غلبة المعارض في باب الجرح والتعديل على حسب غلبة التخصيص في باب العمومات الشرعيّة - فلا يجب الفحص . ومقتضى كلامه تفرّد صاحب المعالم في القول بوجوب الفحص . قوله : " ليكون التعويل على التعديل من دون بحث ، تعويلا على المرجوح " . أقول : إنّ الظنّ باتّفاق الاختلاف في مورد الجرح أو التعديل لا يوجب الظنّ بالخلاف ، بل غاية الأمر الشكّ الشخصي . وليس المقام من قبيل الظنّ بالتخصيص قبل الفحص كما هو مقتضى كلامه ؛ إذ الظنّ بالتخصيص يوجب كون العموم من باب الموهوم ؛ قضيّةَ أنّ الظنّ بأحد الضدّين يوجب كون الآخر من باب الموهوم .
1 . ما بين المعقوفين أضفناها من المصدر . 2 . عدّة الرجال 1 : 181 .