[ معنى الضبط لغةً ] وعلى أيّ حال فالمعنى المذكور من باب اصطلاح أهل الأُصول ، بل أهل الدراية والرجال كما قيل ، وإلاّ فالضبْط قد فسّره في المجمع بالحِفْظِ البليغ والحَزْم - بالمهملة والمعجمة - وعدّ من الأخير ما يقال : رجلٌ ضابطٌ . قال : ضَبطَ الشئ ضَبْطاً : حَفِظَهُ حِفْظاً بَليغاً ، والضَبْط : الحزْم ، ومنه رجلٌ ضابط ، أي حازم ( 1 ) . والمقصود بالضبط - على الأخير - هو الإتقان في الأُمور . واستعمال الضبط فيه معروف ومتعارف في العرف . وفسّره في الصحاح والقاموس بالحِفْظ بالحزم ، وفسّر الحزم بضبْط الأمر والأخْذ فيه بالثقة ( 2 ) . وما صنعه في المجمع أوجَهُ ؛ إذ لا يتحصّل للحفظ بالحزم معنى غير الحِفْظ البليغ ، واستعمال الضبْط في مجرّد الإتقان معروف ومتعارف في العرف ، كما سَمِعْت . إلاّ أن يقال : إنّ الاستعمال في الإتقان من باب الَمجاز ، وما ذكرهُ في الصحاح والقاموس هو المعنى الحقيقي ، والمجاز أولى من الاشتراك ، فما ذكره في الصحاح والقاموس أولى ممّا ذكره في المجمع إن كان المقصود بما ذكره الاشتراك لا مجرّد الاستعمال ، وإلاّ فلا منافاة بين ما ذكره في الصحاح والقاموس وما ذكره في المجمع . لكنّه مدفوع بأنّ الصحاحَ والقاموسَ لا يقتصران في شرحِ الألفاظ على المعاني الحقيقيّة ، بل يذكران كلَّ ما استُعْمِل فيه ، فمقتضى اقتصارهما في معنى الضبْط على الحفظ البليغ هو عدم الاستعمال في مجرّد الإتقان ولو مجازاً ، فيتأتّى
1 . مجمع البحرين 2 : 4 ( ضبط ) . 2 . الصحاح 3 : 1139 ؛ القاموس المحيط 2 : 384 ( ضبط ) .