أي لا يكونُ كثيرَ النسيانِ ، كما هو - أعني غلبة الذكر وعدم كثرة النسيان - حالُ أكثرِ أفراد نوع الإنسان . وإليه يرجع التفسير ب " أن لا يكون سهوه غالباً على ذكره ولا مساوياً له " كما جرى عليه شيخُنا البهائي في مشرقه ( 1 ) ، فالمرجع إلى غلبة بقاء المحفوظ ( 2 ) في الخاطر ، أي حدّاً معتدّاً به في قبال الزوال بسرعة بعد التمكّن من الحفظ ، فليس الغرضُ البقاءَ مدّة العمر ، كيف ! وما لا يبقى مدّة العمر أغلب ممّا يبقى . ويرشد إلى ذلك - أعني ما ذُكِرَ في معنى الضبط - تفسيرُ الضبط من السيّد السند المحسن الكاظمي بقوّة الحفظ بأن يحفظَ ما سَمعَه غالباً ، ولا يزولُ ما حَفظَه بسرعة ( 3 ) . إلاّ أنّ علّة اشتراط الضبْط بالمعنى المذكور تقتضي اشتراط غلبة التمكّن من الحِفْظ بالأولويّة أو بالالتزام . ولعلّه الأظهر . ونظيره أنّ عدّ التوحيد من أُصول الدين يقتضي كون الإقرارِ بالأُلوهيّة من أُصول الدين بالالتزام . والظاهر أنّ اشتراطَ خصوص غلبة الذكر من جهةِ كمال نُدرة عدمِ التمكّن من الحفظ أو عدم وقوعه .
1 . مشرق الشمسين : 39 . 2 . ربّما اشترط الشهيد الثاني في الروضة في القاضي غلبة الحفظ ، ونقله عن الشهيد الأوّل ، والغرض الصيانة عن اختلال المرافعات كما في اشتراط الكتابة ، وربّما نسب الوالد الماجد إلى الشهيدين اشتراط الاجتهاد بغلبة الحفظ ( منه عفي عنه ) . 3 . عدّة الرجال 1 : 104 .