ثبوت العدالة بشهادة العدلين ( 1 ) . لكن المنافاة إنّما تتمّ بناءً على كون العدالة هي المَلَكة - كما هو المشهور ( 2 ) - لامتناع الاطّلاع على المَلَكة بالمشاهدة ، وأمّا بناءً على كونها هي نفس الاجتناب ، فيمكن الاطّلاع عليها بالمشاهدة ، فلا مُنافاة في الباب . ومع ذلك المدارُ في اعتبار الشهادة على استنادها إلى العلم ، والعلم بالعدالة متعذّر ، خصوصاً بناءً على كونها هي الملكة ، وقد صرّح العلاّمة في موضع من المختلف ( 3 ) وكذا الشهيد في موضع من الذكرى ( 4 ) باستحالة العلم بالعدالة أيضاً . بقي أنّ الشهادة بالفعل أو الكتابة مثل الشهادة بالقول ، فتثبت عدالة الرجل بصلاة عدلين خلفه ، وكذا بكتابتهما ، أم لا ؟ يمكن القول بالأوّل بملاحظة عموم ما دلّ على وجوب تصديق العادل ( 5 ) - بل المؤمن - الشامل لتصديق قوله وفعله وكتابته ، فإنّ الفعل والكتابة كالقول منبىءٌ ومخبر كلّ واحد منهما عمّا في الضمير ، فيتّصف بالصدق والكذب . إلاّ أن يقال بانصراف ذلك إلى القول بعد ثبوت ذلك وعدم اختصاصه بالعدلين . إلاّ أن يقال بكون الانصراف بدوّياً ، أو يقال : إنّ الفرق مقطوع العدم ، نظير أنّه لو قيل : " إئتني بالماء " ينصرف الماء في كلام الغالب إلى ماء البئر ، لكن يكفي ماء النهر قطعاً .
1 . كفاية الأحكام : 262 . 2 . منهم الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة 4 : 392 ، والكركي في جامع المقاصد 2 : 372 ، والشهيد الثاني في روض الجنان : 289 . 3 . مختلف الشيعة 8 : 500 المسألة 77 . 4 . ذكرى الشيعة 4 : 392 . 5 . راجع وسائل الشيعة 18 : 52 ، أبواب صفات القاضي ، ب 8 و 9 .