ودعوى كون المقصود ب " ثقة " هو المعنى اللغوي ، فهو يخالف ما نُسِبَ إليه من وجهي : كونه من باب الاجتهاد لا الإخبار ، وكونه في المعنى اللغوي لا الاصطلاحي . وبوجه آخَر : صدر عبارته وإن كان ظاهراً في تطرّق الاصطلاح لكنّ استدلاله على الدلالة على الضبط يقتضي عدم تطرّق الاصطلاح حيث إنّ مرجعَهُ إلى إناطة صدْق الوَثاقة لغةً بالضبط ، وهذا ينافي تطرّقَ الاصطلاح ، فلا أقلّ من توهين دلالة الصدر على تطرّق الاصطلاح ، إذ لو كانت الدلالة ( 1 ) بواسطة إناطة صدق المعنى اللغوي ، فلا مجال لكون الدلالة عليه من باب تطرّق الاصطلاح ، فظهور الصدرِ في تطرّق الاصطلاح موهونٌ بمنافاة الاستدلالِ في الذيْل مع التطرّق . ومقتضى كلام الشهد الثاني في الدراية كون تلك اللفظة - أعني " ثقة " - مصطلحة في العادل ( 2 ) . وقد ذَكَرَ العلاّمة البهبهاني أنّ الرويّة المتعارفة المسلّمة أنّه إذا قال مثل النجاشي : " ثقة " ولم يتعرّض لفساد المذهب ، الحكمُ بكون الراوي عدلا إماميّاً ؛ إمّا لاستقرار سيرة الإماميّين من أهل الرجال على التعرّض لفساد المذهب دون حُسْنِه ، أو لأنّ الظاهر التشيّع والظاهرُ من الشيعة حُسْنُ العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا أنّهم اصطلحوا ذلك في الإمامي وإن أطلقوا على غيره مع القرينة ، أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل ، ومقتضاه عدم ثبوت الاصطلاح ( 3 ) . [ لفظ " ثقة " في اصطلاح أرباب الرجال ] أقول : إنّه لم يأتِ أحدٌ من أرباب الرجال بذكر تطرّق الاصطلاح في " ثقة " في
1 . في " ح " : " الدلالات " . 2 . انظر الدراية : 70 . 3 . تعليقة الوحيد البهباني : 5 ، ونقله عنه في مقباس الهداية 2 : 149 .