نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 326
وبين المعنى فيه بقوله : * ( أن تصيبوا قوما بجهالة ) * فيكون ذلك بيانا أن من اعتمد خبر العدل في العمل به يكون مصيبا بعلم لا بجهالة إلا أن ذلك ( علم ) باعتبار الظاهر لان عدالته ترجح جانب الصدق في خبره ، وإذا كان هذا النوع من الظاهر يصلح حجة للقضاء به فلان يصلح حجة للعمل به في أمر الدين كان أولى ، لان هذا الحكم أسرع ثبوتا ، ألا ترى أن بالقياس يثبت ، ومعلوم أن هذا الاحتمال في القياس أظهر ، والقياس دون خبر الواحد ، ومن لا يجوز العمل بخبر الواحد هنا يفزع إلى القياس ، فكيف يستقيم ترك العمل بما هو أقوى لبقاء احتمال فيه والفزع إلى ما هو دونه وهذا الاحتمال فيه أظهر ؟ فإن قيل : هذا سهو ، فإن الكلام في إثبات الحكم ابتداء والقياس لا يصلح لنصب الحكم ابتداء ، وإنما ذلك بالسماع ممن ينزل عليه الوحي وقد كان معصوما عن مثل هذا الاحتمال في خبره ، فعرفنا أنه لا يثبت الحكم ابتداء إلا بخبر يضاهي السماع منه ، وذلك بأن يبلغ حد التواتر ، إلا أن في القضاء تركنا هذا الشرط لضرورة بالناس فإنهم يحتاجون إلى إظهار حقوقهم بالحجة عند القاضي ولا يتمكنون من مثل هذا الخبر في كل حق يجب لبعضهم على بعض . قلنا : رضينا بهذا الكلام ونقول : حاجتنا إلى معرفة أحكام الدين وحقوق الله تعالى علينا لنعمل به مثل حاجة من كان في زمن رسول الله ( ص ) بحضرته وكانوا يسمعون منه ، ومعلوم أن بعد تطاول الزمان لا يوجد مثل هذا الخبر في كل حكم من أحكام الشرع ، فوجب أن يجعل خبر الواحد فيه حجة للعمل باعتبار الظاهر لتحقق الحاجة إليه ، كما جعل مثل هذه الحاجة معتبرا في وجوب القضاء على القاضي بالشهادة مع بقاء الاحتمال ، مع أنه ليس الطريق ما قالوا في باب القضاء ، فإن رسول الله ( ص ) كان يسمع الخصومة في حقوق العباد ويقضي بالشهادات والايمان ، وكان يقول : إنما أنا بشر مثلكم أقضي بما أسمع فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فكأنما أقطع له قطعة من النار ومعلوم أن مثل هذه الضرورة ما كان يتحقق في حقه ، فقد كان الوحي ينزل عليه ولو كان توهم الكذب
327
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 326