الثالث : أنّ الشكّ في بقائه ليس مرتّباً على حدوث ذاك الفرد وعدمه فقط حتى ينفي الشكّ فيه بأصالة عدم الحدوث ، بل مرتّب عليه وعلى العلم بارتفاع الآخر ، إذ لو لم يعلم بارتفاعه أيضاً لم يحصل العلم بالارتفاع لاحتمال بقائه في ضمنه . الرابع : أنّ حدوث الكلّي وبقاءه هو عين حدوث الفرد وبقائه لامن لوازمه . فتحصّل : أنه لا إشكال في جواز استصحاب الكلّي هنا ، وترتيب الآثار المترتّبة عليه عقلية كانت أو شرعية فيما كان المستصحب من الأحكام كما هو محلّ الكلام ، وخصوص الشرعيّة فيما إذا كان غيرها ، وأمّا استصحاب أحد الخاصّين بعينه فلا يجوز ، لما عرفت . نعم يجب رعاية التكاليف المعلومة إجمالا المرتبة على الخاصّين فيما إذا علم تكليف في البين كما إذا علم بتعلّق إلزام من المولى إمّا بفعل هذا أو ترك ذاك ، إذ العلم الإجمالي يؤثر على كلا التقديرين فيجب الاحتياط بفعل الأوّل وترك الثاني ، بخلاف ما إذا لم يعلم بتعلّق إلزام مولوي كما إذا علم بوجوب شيء أو استحبابه أو كراهة شيء وحرمته ، فإنّ العلم الإجمالي لا يؤثّر على كلا التقديرين ، فإنّ العلم الإجمالي بالنسبة إلى الاستحباب والكراهة لا أثر له ، وبالنسبة إلى الوجوب والحرمة يرجع إلى البراءة كما هو الحال في تمام الموارد التي لا يكون كلا طرفي العلم الإجمالي ذا أثر ، بل الأثر مترتّب على أحدهما وكذا يجب ترتيب آثار القدر المشترك فيما إذا كان المستصحب من الموضوعات الخارجية ، ورعاية العلم الإجمالي لو كان لكلّ من الخصوصيتين أثر ، فتدبّر . وأمّا استصحاب أحد الخاصّين لا بعينه وإن أمكن أن يقال بجوازه بواسطة تحقّق أركانه فيه ، إذ اليقين بتحقّق احدى الخصوصيتين حاصل وجداناً ، والشكّ في بقائه أيضاً كذلك بحسب النظر البدوي ، إلاّ أنّ الحقّ خلافه ، إذ المراد بأحد الخاصّين لا بعينه ليس مفهوم أحدهما الذي هو عبارة عن الكلّي ، بل المراد به المصداق الخارجي - أعني الفرد المردّد - وهو فيما نحن فيه إن كان هذا فباق قطعاً