والجواب عن الأوّل هو أنّ الشكّ في بقاء الكلّي لو كان مسبّباً عن الشكّ في حدوث الفرد المتيقّن بقاؤه على تقدير حدوثه لتمَّ ما ذكر ، ولم يكن مجال لجريان الأصل بالنسبة إليه بعد جريان أصالة عدم الحدوث بالنسبة إلى ذلك الفرد ، وزوال الشكّ بالنسبة إلى بقاء الكلّي وارتفاعه ، ولكن الأمر ليس كذلك ، لأنّ الشكّ في بقاء الكلّي وارتفاعه مسبّب عن الشكّ في أنّ الفرد المتيقّن حدوثه هذا أو ذاك ، وأصالة عدم الحدوث بالنسبة إلى كلّ واحد منهما معارضة بأصالة عدم حدوث الآخر فيتساقطان ، وتصل النوبة إلى الأصل الجاري في الكلّي ، ويجري بلا معارض بعد تحقّق أركانه من اليقين السابق والشكّ اللاحق كما لا يخفى . وحاصل هذا الإشكال هو : أنّه كما لا يمكن استصحاب أحد الخاصّين من جهة عدم تحقّق ركني الاستصحاب - أعني اليقين السابق والشكّ اللاحق - فكذلك الكلّي الموجود بوجودهما . وملخّص الجواب : أنّ اختلال أركان الاستصحاب بالنسبة إليهما لا يلازم اختلالها بالنسبة إليه لما نشاهد بالوجدان من القطع بوجود الكلّي سابقاً والشكّ في بقائه لاحقاً ، والسرّ فيه أنّ الشكّ فيه ليس مسبّباً عن الشكّ في حدوث الفرد المتيقّن بقاؤه على تقدير حدوثه ، بل عن كون الحادث المتيقّن هذا أو ذاك ، فاليقين السابق بالنسبة إليه متحقّق عرفاً ووجداناً ، وبالنسبة إلى الخاصين ليس كذلك ، إذ كلّ واحد منهما مشكوك الحدوث فلا يقين سابق بالنسبة إلى شيء منهما ، بل ولا شكّ لاحق لأنّه على أحد التقديرين باق قطعاً ، وعلى تقدير آخر مرتفع قطعاً ، فتدبّر . وأمّا الجواب عن الإشكال الثاني فوجوده : الأوّل : ما عرفت في جواب الإشكال الأوّل وهو أنّ الشكّ في بقاء الكلّي وعدمه ليس ناشئاً عن الشكّ في حدوث الفرد المتيقّن بقاءه على تقدير الحدوث ، بل ناشىء عن الشكّ في أنّ الحادث هذا أو ذاك . الثاني : أنّه على تقدير كونه من اللوازم ليس من اللوازم الشرعية التي تثبت بالأصل ، بل من اللوازم العقلية التي لا تثبت به .