فرق بين أن يكون الشكّ من جهة المقتضي كما إذا تردّد الحيوان بين مالا يعيش إلاّ سنة وبين ما يعيش مائة سنة ، فإنّه يجوز بعد السنة استصحاب الكلّي ، أو من جهة الرافع كما إذا تردّد الحدث بين الأكبر والأصغر فإنّه يجوز بعد فعل احدى الطهارتين استصحاب الكلّي كما أفاده الشيخ [1] ( قدس سره ) . لا يقال : هذا التعميم لا يتمّ بناءً على مختاره من تخصيص حجّية الاستصحاب بما إذا كان الشكّ من جهة الرافع كما إذا كان الحدث مردّداً بين الأصغر والأكبر ، فإنّه لمّا كان لكلّ منهما مقتضي البقاء فيجوز استصحاب الكلّي ، وهو القدر المشترك بينهما بعد فعل احدى الطهارتين دون ما إذا كان الشكّ من جهة المقتضي كالحيوان المردّد بين ما لا يعيش إلاّ سنة وبين ما يعيش مائة سنة ، فإنّه لمّا لم يكن لما يعيش سنة مقتضى البقاء بعد السنة لا يجوز استصحاب الكلّي والقدر المشترك بينهما بعدها . فإنّه يقال : هذا التعميم في كلامه في استصحاب الكلّي ، من حيث إنّه كلّي ، وأنّه لافرق فيه بين كون الشكّ من جهة الرافع أو المقتضي ، وهذا لا ينافي عدم حجيّة الاستصحاب ، فيما إذا كان الشكّ من جهة المقتضي ، ولو فيما كان المستصحب شخصاً لا كلّياً . وقد أُشكل على استصحاب الكلّي هنا تارة بأنّ الكلّي إمّا أن يكون موجوداً بوجود هذا الفرد المتيقّن بقاؤه على تقدير حدوثه أو الفرد المتيقّن ارتفاعه ، فكما لا يجري الاستصحاب الخاصين من جهة عدم اليقين السابق الذي هو أحد ركني الاستصحاب ، بل ولا الشكّ اللاحق الذي هو الركن الآخر فكذلك لا يجري الاستصحاب الكلّي الذي وجوده عين وجود أحدهما ، وأُخرى بأنّ الشكّ في بقاء الكلّي مسبَّب عن الشكّ في حدوث الفرد المتيقّن بقاؤه على تقدير حدوثه فيجري فيه أصالة عدم الحدوث ، ومع جريان الأصل في طرف السبب لا يجري في طرف المسبّب ، لزوال الشكّ منه .