بالوضع التعيّني ، يمكن أن يدّعي القائل بالثبوت بأنّ كثرة استعمال هذه الألفاظ في هذه المعاني وصلت في لسان الشارع إلى حدّ حصلت العلقة الوضعيّة من نفس كثرة الاستعمال بين هذه الألفاظ وتلك المعاني المحدثة ، وللمنكر أن يمنع عن وصول الكثرة إلى ذلك الحدّ أو عن ملازمته لحصول العلقة الوضعيّة . ولكن الإنصاف أنّ منع حصول العلقة بأحد الوجهين مكابرة ، بل الظاهر أنّها حصلت في ابتداء الشريعة بالنسبة إلى الألفاظ الكثيرة الدوران كالوضوء والغسل والصلاة والزكاة والجهاد والحج وأمثالها بالوضع التعييني على النحو المزبور لا بالوضع التعيّني ، واستعمالها في تلك المعاني مجازاً إلى أن وصل إلى ذلك الحدّ ، لأنّه لو كان استعمالها فيها مجازاً لما كان بناؤه على استعمال هذه الألفاظ فيها دائماً ، فإنّه لو كان استعمال لفظ الصلاة في الأركان المخصوصة مجازاً وبالعلاقة لكان مستعملا فيها لفظاً آخر يفيد ذلك المعنى أحياناً ، بل كان استعمال لفظ الدعاء فيها أحسن من استعمال لفظ الصلاة ، ولو منع عن ذلك في أوائل الشريعة ففي أواخر زمانه ( صلى الله عليه وآله ) يمكن دعوى القطع بحصولها ولو منع عن ذلك أيضاً فمنعه في زمان الأئمة سيّما خصوص الصادقين ومن بعدهم مكابرة واضحة . وحصول تلك العلاقة في زمان الأئمّة ( عليهم السلام ) يكفي في ترتّب الثمرة التي ذكروها لهذا النزاع ، وهو أنّه على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة تحمل تلك الألفاظ على هذه المعاني لو صدرت بعد صيرورتها حقيقة ، وعلى القول بالعدم لا تحمل عليها لو صدرت مجرّدة عن القرائن ، بل تحمل على معانيها اللغويّة بناءً على عدم اختصاص صدور تمام الأحكام من النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، فيكون الشارع على هذا أعمّ من النبيّ والأئمّة ( عليهم السلام ) كما هو الحق عند أهله . وأمّا بناء على مذهب العامّة القائلين باختصاص صدور الأحكام بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فصيرورتها حقائق شرعيّة متوقّفة على حصول العلقة في زمن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلاّ فلو لم يحصل في زمانه ، بل حصلت بعده كانت حقيقة متشرعيّة لا شرعيّة . والحاصل : أنّ في ترتّب الثمرة المذكورة على فرض ترتّبها لا فرق في