خصوص المؤاخذة أو جميع الآثار ، أو الأثر الظاهر بالنسبة إلى كلّ شيء ؟ مع أنّه لا إشكال في أنّ رفع المؤاخذة هو القدر المتيقّن ، لأنها مرفوعة على كلّ حال إمّا بنفسها ، أو في ضمن جميع الآثار ، أو الآثار الظاهرة ، لامن جهة ظهور الرواية في رفعها بدعوى أنّ المرفوع لو كان جميع الآثار يلزم كثرة الإضمار ، ولو كان خصوص المؤاخذة يلزم قلّة الإضمار ، وهي أولى من كثرته ، لما فيه من أنّه يمكن تقدير لفظ واحد جامع وهو الآثار ، إذ لا فرق من حيث قلّة الاضمار وكثرته بين أن يقال رفع المؤاخذة على الشيء أو آثار الشيء ، إذ المقدّر في كليهما لفظ واحد وإن كان أحدهما أعمّ . ولا بدعوى أنّ حملها على رفع جميع الآثار يوجب تخصيص الأدّلة المثبتة لتلك الآثار ، وحملها على رفع خصوص المؤاخذة لا يوجب تخصيصها ، فالأمر دائر بين قلّة التخصيص وكثرته ، وقلّة التخصيص أولى . فالعمومات المثبتة لتلك الآثار تكون موجبة لرفع الإجمال عن المخصّص المجمل المردّد بين الأقلّ والأكثر ، إذ لو كان المراد منه هو الأكثر لزم كثرة الخارج ، ولو كان المراد منه الأقلّ لزم قلّة الخارج ، وهي أولى من الأُولى ، لما فيه من أنّ تردّد المخصّص بين ما يوجب كثرة الخارج وقلّته يجعل العام بالنسبة إلى محلّ التردّد مجملا ، خصوصاً إذا قلنا : إن حجّية الظواهر من باب الظنّ النوعي ، لأنّ نوع هذا القسم من الكلام لا يفيد الظنّ بالنسبة إليه لا أنّ العام يصير مبيّناً لإجماله ، هذا . مع أن الشيخ ( قدس سره ) [1] جعل التخصيص من باب حكم العقل للتنافي ، فالعقل بعد التردّد لاحكم له ، فتأمّل . ولا بدعوى أنّ المرفوع لو كان جميع الآثار يلزم تخصيص الأكثر ، لأنّ كثير من الآثار ، بل أكثرها لا يرتفع بالخطأ والنسيان وأخواتهما ، لما في هذه الدعوى من أنّها ناشئة عن عدم تحصيل معنى الرواية . وتحقيقه فإنّه بناءً على عموم الرفع لجميع الآثار ليس المراد بها الآثار
[1] فرائد الأُصول : في أدلة البراءة ج 1 ص 322 - 323 .