صرفة فكما أنّه لا يجوز التمسّك ب " أكرم العلماء " على وجوب إكرام من شكّ في كونه عالماً كذلك لا يجوز التمسّك ب " لا تكرم الفسّاق " على حرمة إكرام من شكّ في كونه فاسقاً . وكذلك لا يمكن دخوله تحت العام ، لما عرفت من الوجه في عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقية . وحاصله : أنّ المخصّص المنفصل اللفظي حجّة من قبل المولى كالعام ، فهناك حجتان من طرف المولى ، ولا نعلم بدخول المشكوك في أيّهما فلابدّ من الرجوع إلى عموم الفوق لو كان ، وإلاّ فإلى الأُصول العملية . وقد عرفت أنّ الأُصول الموضوعيّة مقدّمة على الأُصول الحكميّة ، فما دامت الأُصول الموضوعيّة جارية لا تصل النوبة إلى جريان الأُصول الحكمية ، لأنّ نسبتها إليها نسبة الورود أو الحكومة . فعلى هذا إذا خصّص العام بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل - إن جعلناه من المخصّص المتصل - لمّا لم يصر العام معنوناً بعنوان خاص ولم نحتج في ترتّب حكم العام غير نفي عنوان المخصّص عن العام الذي هو لازم تضييق دائرة العموم بواسطة ورود المخصّص عليه ، ففي مثل " أكرم العلماء " المخصّص بقوله : " لا تكرم الفسّاق منهم " من يجب إكرامه هو العالم المنفي عنه الفسق ، وهكذا في غيره من الأمثلة يمكن لنا إجراء أصل موضوعي بالنسبة إلى الفرد المشكوك غالباً وإدخاله تحت العموم وترتيب حكم العام عليه وإن لم يجز التمسّك بالعموم بالنسبة إليه بدون إجراء ذلك الأصل الموضوعي المنقّح لموضوع العام ، بلا فرق بين ما كانت حالته السابقة معلومة وشكّ في تبدّلها كما في استصحاب عدم الفسق الذي به يحرز عنوان العام وهو العالم المنفي عنه الفسق أو لم تكن حالته السابقة على زمان الشكّ بعد وجوده معلومة كما في " خلق الله الماء طهوراً لا ينجسّه شيء " المخصّص بماء القليل بأدلة انفعاله ، وكما في الشرط جائز بين المسلمين المخصّص بالشرط المخالف للكتاب وكما في : " كلّ امرأة ترى الحمرة إلى خمسين سنة " المخصّص بالقرشية ، فإنّ الماء المشكوكة القلة والكثرة التي لم تكن مسبوقة بالقلّة ، وكذا الشرط المشكوك كونه مخالفاً للكتاب الذي لم يكن مسبوقاً