وإذا تبيّن أنّ حكم العقل كلّي تعليقي على تحقّق موضوعه ومن الممكن أن لا يكون له موضوع في الخارج حتى يخصّص به العام بخلاف المخصّص اللفظي فإنّه لو لم يكن له موضوع في الخارج لما ورد من طرف المولى حجّة على خلاف حكم العام تبيّن أيضاً أنّه لا وجه للتفصيل في حكم العقل بين أن يكون مما يصحّ أن يتكل عليه المتكلّم إذا كان في مقام البيان وغيره ، إذ بعد ما عرفت أنّ حكم العقل كلّي تعليقي على وجود موضوعه لا يمكن التعويل عليه أصلا . ولكن لا يخفى أنّ الفرق بين المخصّص اللفظي والعقلي في الأحكام الشرعيّة التي كلّها من قبيل القضايا الحقيقية التي علّق الحكم فيها على موضوعاتها المقدّرة وجودها لا وجه له إذ كما أنّ الحكم العقلي فيها كلّي تعليقي على موضوع مقدر الوجود فكذلك العام أيضاً وكما أنّه حجّة بالنسبة إلى من كان داخلا في تحته فكذلك الحكم العقلي أيضاً ، إذ كما أنّه ألقى من طرف المولى بلسان رسوله الظاهري حكم كلّي بوجوب إكرام العلماء - مثلا - كذلك ألقى بلسان رسوله الباطني حكم كلّي بحرمة إكرام طائفة خاصّة منهم - مثلا - وإدخال فرد المشكوك تحت إحدى الحجّتين ترجيح بلا مرجح . نعم بالنسبة إلى القضايا الخارجيّة التي علق الحكم فيها على أشخاص خاصّة له وجه ، إذ العام فيها حكم فعلي تنجيزي وحكم العقل حكم كلّى تعليقي . وكيف كان فيمكن أن يقال : إنّ قضيّة حجيّة العام المخصّص بالدليل العقلي بالنسبة إلى الفرد المشكوك دخوله في عنوان المخصّص استكشاف عدم تحقّق عنوان المخصّص في أفراد العام ، وإلاّ لما علّق الحكم على عنوان العام ، ففي مثل " لعن الله بني أُميّة قاطبة " مع أنّ العقل حاكم بعدم جواز لعن المؤمن يستكشف العقل بأنّه ليس فيهم مؤمن من جهة ترتيب القياس ، وهو أنّ الشخص المشكوك إيمانه يجوز لعنه بمقتضى العموم ، ولو كان مؤمناً لما جاز لعنه ، فينتج أنّه ليس مؤمناً ، فتأمّل . ثمّ لا يخفى أنّ الفرد المشكوك دخوله في عنوان الخاص لا يمكن دخوله في عنوان المخصّص ، لأنّ الشكّ في دخوله في عنوان المخصّص شبهة موضوعيّة