عن حجيّة أكرم العلماء بالنسبة إلى العموم ، للقطع بخروج الفسّاق منهم بمقتضى : لا تكرم الفسّاق ، فكما أنّه حجّة في غير الفاسق منهم فكذلك لا تكرم الفسّاق منهم حجّة في الفاسق والفرد المشكوك كونه فاسقاً اندارجه في كلّ منهما مشكوك ، فكما أنّه لا يمكن الحكم بكونه محرّم الإكرام بمقتضى لا تكرم الفسّاق كذلك لا يمكن الحكم بوجوب الاكرام بمقتضى أكرم العلماء ، فلابدّ من الرجوع في حكمه إلى الأُصول العلميّة أي الوظائف المقررة للشاكّ في مقام العمل ، وهي تنقسم إلى الموضوعيّة والحكميّة ، ونسبة الأُصول الموضوعيّة التي بها تنقح الموضوع إلى الأُصول الحكمية نسبة الورود أو الحكومة . وعلى أيّ حال ما دامت الأُصول الموضوعيّة جارية لا تنتهي النوبة إلى الأُصول الحكميّة ، لأنّها سببية ومسببية . وإذا لم يكن أصل موضوعي أو كان ولم يكن جارياً فينتهي الأمر إلى الأُصول الحكميّة من الاستصحاب ، إن كانت له حالة سابقة ، وإلاّ فالبراءة إن كان الشكّ في التكليف ، وإلاّ فالاحتياط إن أمكن ، وإلاّ فالتخيير ، فتأمّل . والأصل الموضوعي الذي به يجرز الموضوع في المقام ليس إلاّ الاستصحاب ، فإن كان العالم المشكوك فسقه حالته السابقة هو الفسق فلا إشكال في استصحابه والحكم بحرمة إكرامه ، وإن كان هو العدالة فلا يخلو جريان الاستصحاب وترتيب حكم العام عن إشكال ، من جهة أنّه لو كانت حالته السابقة هي العدالة فإمّا أن يجري الاستصحاب بالنسبة إلى الأمر الوجودي الذي هو عبارة عن العدالة ، أو بالنسبة إلى الأمر العدمي الذي هو عدم فسقه الذي هو ملازم مع العدالة . فإنّ أُجري الاستصحاب بالنسبة إلى العدالة فلا جدوى له بالنسبة إلى ترتّب حكم العام ، لأنّ موضوعه العالم لا العالم العادل ، فالعدالة ليست تمام الموضوع بالنسبة إلى حكم العام ولا جزئه حتى يترتّب على استصحابها أثر من هذه الجهة . نعم لو كان للعدالة أثر يترتّب على استصحابها ، إلاّ أنّه بالنسبة إلى حكم العام لا أثر له . وإن أُجري الاستصحاب بالنسبة إلى الأمر العدمي الملازم وهو عدم الفسق فأثره إنّما هو عدم ترتّب حكم الخاص - وهي حرمة الإكرام - لا ترتّب حكم العام