- وهو وجوب الإكرام - اللّهم إلاّ أن يقال بكفاية استصحاب عدم الفسق في ترتيب حكم العام ، لأنّ الحكم العام علّق على العام المنفي عنه وصف الفسق بعد تخصيصه بالمنفصل ، لأنّ المخصّص المنفصل وإن لم يمنع عن انعقاد ظهور العام في العموم إلاّ أنّه يمنع عن حجيته فيه ، فدائرة حجية العام تتضيق بالمخصّص المنفصل كالمتصل ، ويصير مفاد " أكرم العلماء " بملاحظة لا تكرم فسّاقهم هو وجوب إكرام العلماء الذين نفي عنهم الفسق لا بمعنى أنّ المخصّص المنفصل يوجب تعنون العام كالمتصل حتى يمنع ذلك ، لأنّ هذا ليس عنواناً للعام ، بل هو بيان لما هو موضوع وجوب الإكرام بعد تخصيص العام بالمنفصل وتضيق دائرته . فإذا كان وجوب الإكرام معلّقاً في الواقع على العالم الذي نفي عنه الفسق ، فيكفي نفي الفسق بالأصل في ترتّب هذا الحكم عليه ، كما يكفي في عدم ترتب حكم الخاص فتأمّل . بل يمكن إثبات الحكم فيما لم يكن حالته السابقة معلومة أيضاً ، فإنّ أصالة عدم الفسق تجري في هذه الصورة أيضاً ويترتّب عليه حكم العام ولا تعارضها أصالة عدم العدالة ، إذ لا أثر للعدالة في ترتّب حكم العام حتى تعارض أصالة عدم الفسق ، لأنّ الفسق يوجب الخروج عن حكم العام والدخول في حكم الخاص ، والعدالة لا توجب شيئاً . بل يمكن إثبات الحكم في الصورتين بقاعدة المقتضي والمانع بأنّ يقال : إنّه تستكشف من تعليق الحكم على عنوان العلماء أنّ العلم مقتض لوجوب الإكرام ، والفسق مانع عنه حيث خصّص العام بما عدا الفاسق . فإذا شكّ في وجود المانع فيدفع بالأصل . هذا فيما إذا كان المخصّص لفظياً . وأمّا إذا كان المخصّص لبيّاً كما إذا قال المولى : أكرم جيراني وحكم العقل بأنّه لا يريد إكرام أعدائه ، وهذا الحكم العام مخصّص بما عدا الأعداء فيجوز التمسّك في مورد الشكّ في كونه عدوّاً أو ليس بعدوّ ، بعموم " أكرم جيراني " وإثبات الحكم العام له من جهة أن الأحكام العقليّة أحكام تعليقية على موضوعاتها المقدّرة ، فحكم العقل بأنّه لا يريد المولى إكرام أعدائه معلّق على أنّه لو كان في الجيران عدوّ فلا تكرمه ، وأمّا أنّه في الجيران يكون عدوٌّ أم لا ؟ فليس الحكم العقلي