فهل يجوز التمسّك بالعام بالنسبة إلى الفرد الذي صدق العام عليه متيقّن وصدق الخاص عليه مشكوك أم لا ؟ وهذه المسألة هي معركة الآراء المعنونة في كلماتهم بأنّه هل يجوز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقية أو لا يجوز ؟ والمراد الشبهات المصداقية بالنسبة إلى الخاص لا العام ، فإنّه لا شبهة في عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة بالنسبة إلى العام كما إذا قال : أكرم العلماء وشككنا في أنّ زيداً عالم أم لا ، فإنّه لا إشكال في أنّه لا يمكن التمسّك بأكرم العلماء لوجوب إكرام زيد المشكوك كونه عالماً ، إذ الحكم تابع لوجود موضوعه ، ولا يمكن إحراز الموضوع بنفس الحكم ، فما لم يحرز الموضوع بالوجدان أو بأمارة أو أصل لا يترتّب عليه الحكم . كما أنّه لا إشكال في عدم جواز التمسّك بالخاص بالنسبة إلى الفرد المشكوك اندراجه تحته كما في " لا تكرم الفسّاق " فإنّه لا يمكن التمسّك بعموم " لا تكرم الفسّاق " لحرمة إكرام زيد المشكوك فسقه كما لا يمكن ، التمسّك بعموم : " أكرم العلماء " لوجوب إكرام زيد المشكوك كونه عالماً . وإنّما الإشكال كلّ الإشكال في التمسّك بالعام مثل : " أكرم العلماء " الذي خصّص بدليل منفصل كلا تكرم الفساق منهم لوجوب إكرام زيد المعلوم كونه عالماً والمشكوك فسقه ، وغاية ما يمكن أن يستدلّ به على الجواز هو أنّ العام بعد ما انعقد ظهوره كما هو المفروض في العام المخصّص بالمنفصل يكون حجّة في العموم ولا يمكن رفع اليد عن الحجّة إلاّ بحجة أقوى ، والمخصّص المنفصل إنّما يكون حجة أقوى من العام بالنسبة إلى ما علم دخوله تحت المخصّص . وأمّا بالنسبة إلى ما شكّ في كونه داخلا تحته أم لا ؟ فليس لحجّة فيه فعلا حتى يزاحم العام ويوجب رفع اليد عن العام ، لأنّه يصير من مزاحمة الحجّة مع اللاحجة ، فلابدّ من الأخذ بعموم العام إلاّ فيما علم أنّه فرد من المخصّص . وفيه : أنّ المخصّص المنفصل وإن لم يكن كالمخصّص المتصل مانعاً عن انعقاد ظهور العام في العموم إلاّ أنّه مثله في كونه مانعاً عن حجيته في العموم ، فإذا قال المولى : أكرم العلماء ، ثم قال : لا تكرم الفسّاق منهم ، فقوله : لا تكرم الفساق مانع