عمّا اضطر إليه . وقيل : إنّ الحركة الخروجيّة ليست مأموراً بها ولا منهياً عنها وإنّما يحكم العقل بلزومها إرشاداً إلى ارتكاب أقلّ المحذورين وأخفّ القبيحين عند الدوران ، وهذا القول اختاره في الكفاية [1] . ووجه عدم كونها مأموراً بها من جهة الملاك النفسي هو أنّ التخلّص عن الغصب هو التجنّب عنه وتركه وهذه الحركة الخروجيّة عين الغصب لا ترك الغصب ، إذ لا فرق بينها وبين الحركة الغير الخروجيّة في كونها تصرّفاً في مال الغير بغير إذنه الذي هو عبارة عن الغصب وما ذكر في وجه كونه عنواناً مضادّاً للغصب وغير مشمول ل " لا تغصب " مغالطة . والحاصل : أنّ الغصب هو التصرّف في مال الغير بغير إذنه ، وهو محرّم إلاّ أن يرد الترخيص كما في حقّ المارّة والبيوت الثمانية المذكورة في الآية [2] ، فليس الخروج عنواناً مضاداً للغصب وتخلّصاً عن الغصب حتى يكون مأموراً به من جهة الملاك النفسي ولو كان ملاك ، لكونه مأموراً به ، فإنّما هو الملاك الغيري بتقريب أن يقال : إنّ الخروج مقدّمة لترك الغصب الزائد عمّا اضطر إليه ، فترك الغصب واجب ويجب مقدمته . وفيه : أنّ الخروج مقدمة للكون في خارج الأرض المغصوبة ، وهو مباح لا أنّه مقدّمة لترك الغصب حتى يكون واجباً . فإن قلنا بأنّ النهي عن الشيء يقتضي الأمر بضدّه ، فيكون النهي عن الغصب أمراً بضدّه ، وهو الكون في خارج الأرض ، ويكون مقدّمته وهو الخروج واجباً . وإن قلنا بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، ولكن النهي عن الشيء لا يقتضي الأمر بضدّه ، وإلاّ لزم قول الكعبي [3] وهو انتفاء المباح ، فلا يمكن الالتزام بوجوبه من جهة المقدّميّة كما التزم به صاحب
[1] كفاية الأصول : في بحث النواهي ص 206 . [2] النور : 61 . [3] لا يوجد لدينا كتابه .