السابق ، فلابدّ في كونها مأموراً بها من وجود المقتضي والملاك وعدم مزاحم أقوى ، وما قيل في مقام وجود الملاك أمران : أحدهما : ملاك الايجاب النفسيّ والآخر : ملاك الايجاب الغيري المقدّمي ، أمّا ملاك الايجاب النفسي فلأنّ هذه الحركة الخروجيّة تخلّص عن الغصب ، وهو عنوان مضاد للغصب فلا يشمله النهي عن الغصب أزلا وأبداً ، لأنّ الغصب هو التصرّف في مال الغير عدواناً ، وهذا التصرّف بعد كونه مأموراً به من ناحية الشارع ليس تصرّفاً عدوانياً ، فيكون كأكل المارة من الحقّ الممرور به . ولو قيل بأنّ الغصب هو التصرّف في مال الغير بغير إذنه فيشمله ، لأنّه تصرّف في مال المالك بدون إذنه فنقول : إنّ التصرّف في مال الغير بغير إذنه إن كان عنواناً ملازماً للقبح والحرمة كالظلم لتمّ ما ذكر ، ولكنّه ممنوع ، بل يحتمل أن يكون كالكذب مقتضياً للحرمة لو لم يمنع مانع ولم يطرأ عليه عنوان راجح كالكذب النافع . ويحتمل أن يكون في حدّ نفسه غير مقتض لشيء من القبح والحسن وينقسم إلى الأقسام الخمسة من الوجوب والاستحباب وغيرهما من الأحكام الثلاثة الباقية . والشاهد على عدم كونه مشمولا للنهي هو أنّه لا يمكن تعلّق النهي بالخروج لا مطلقاً ولا معلّقاً على الدخول ، فلو كان مشمولا له باطلاقه لأمكن التصريح به بالخصوص كما يمكن التصريح بالنهي عن الدخول والبقاء وسائر التصرّفات غير الحركة الخروجيّة . هذا هو المقتضي والملاك للايجاب النفسي ، وحاصله : أن الخروج تخلّص عن الغصب وهو عنوان مضادّ للغصب والمزاحم الذي يتوهّم هو النهي السابق وهو من جهة سقوطه بالاضطرار لا يصلح للمزاحمة ، فهذه الحركة الخروجيّة الغصب الذي هو ملاك الايجاب ، ونسب هذا القول بهذا الملاك إلى الشيخ [1] ( قدس سره ) . وقيل [2] : إنّ الملاك في كونها مأموراً بها هو كونها مقدّمة لترك الغصب الزائد
[1] مطارح الانظار : ص 153 س الأخير . [2] قوانين الأصول : ص 154 س 6 .