متعدّدة دفعة واحدة فإنّه على القول بدلالتها على الدفعات ما سقط التكليف بالكليّة بخلاف القول بدلالتها على الأفراد . وأمّا الثمرة بين القول بأنّ المطلوب بالصيغة الدفعة أو الفرد والقول بأنّ المطلوب بها الطبيعة فالظاهر أنّها غير متحقّقة ، فتأمّل . وأمّا بين القول بالدفعات أو الأفراد والقول بالطبيعة فواضحة . وكيف كان فلا يهمّنا بيان الثمرة بين الأقوال فإنّها مذكورة في الكتب المطوّلة وإنّما المهم بيان أن المطلوب بالصيغة أيّ شيء ؟ والحقّ أنّ المطلوب بها صرف الطبيعة المجردة ، وذلك لأنّ المادة موضوعة لصرف الطبيعة كسائر أسماء الأجناس بحكم اللغة والعرف ، ولا نحتاج في اثبات ذلك إلى الإجماع الذي ادّعاه السكّاكي [1] ، مع أنّ حجيّة الإجماع في مثل هذه المسألة التي مرجعها إلى اللغة والعرف غير مسلّمة ، بل ممنوعة والهيئة موضوعة لنفس البعث إلى المادة فمن أين تجيء المرّة والتكرار لخروجهما عن مدلول المادة والهيئة ؟ ففي مرحلة اثبات التكليف بعد ما كان مفاد المادة صرف الطبيعة ومفاد الهيئة البعث إليها لا يثبت علينا إلاّ وجوب ايجاد الطبيعة . وفي مرحلة الامتثال بعد ايجاد الطبيعة يحكم العقل بسقوط التكليف وحصول الامتثال ، وإلاّ لابدّ إمّا من القول بأنّ المطلوب لم يكن صرف الطبيعة ، بل هي وشئ زائد ، وهو خلاف الفرض . وإمّا من القول بأنّ التكليف بايجادها لم يكن تكليفاً واحداً بل كان متعدداً ، وهو أيضاً خلاف الفرض . والحاصل : أنّه لا حاجة إلى الإجماع الذي ادّعاه السكّاكي على أنّ المصدر المجرد موضوع للطبيعة اللا بشرط ، لأنّ مادّة المشتقات ليس هو المصدر ، إذ هو أيضاً كسائر المشتقات ومغاير لها لفظاً ومعنىً ، والمادة السارية لا يمكن أن تكون كذلك ، بل المادة عبارة عن المعنى البسيط الذي يعبّر عنه باسم المصدر ، إذ هو الساري في جميع المشتقات كما أنّ لفظه الساري في جميع المشتقات مطابق له من حيث عدم تقيّده بهيئة ، مثلا المادة السارية في تمام المشتقات من الضرب
[1] مفتاح العلوم : الباب الثالث في الأمر ص 137 س 7 .