كضرب ويضرب وضارب وأمثالها ليس هو المصدر . بل معنى هو أبسط من المصدر ، وهو الذي يعبّر عنه باسم المصدر ، كما أنّ لفظه الساري في جميع المشتقات ليس هو لفظ المصدر ، أعني ضربٌ بسكون الوسط ، بل الساري في تمام المشتقات هو ( ض ) و ( راء ) و ( ب ) ، ولذا في بعض كتب اللغة إذا أرادوا بيان المعنى الذي وضع له اللفظ باعتبار مادته السارية في تمام المشتقات منه يكتبون أوّلا ذلك اللفظ بالحروف المقطعة ، مثلا إذا أرادوا أن يبيّنوا معنى الأسد يكتبون أولا الهمزة ، والسين ، والدال ويبيّنون معناها في ضمن أيّ هيئة كانت تلك الحروف . والحاصل : أنّه كما أنّ لفظ ضرب بسكون الوسط ليس سارياً في المشتقات كضرب ويضرب وأمثالهما ، لأنّ هيئة ضرب بسكون الوسط غير محفوظة في ضمنها ، فكذلك معناه أيضاً ليس سارياً في المشتقات ، بل ما هو الساري في المشتقات لفظه في ألفاظ المشتقات ، ومعناه في معناها هو اسم المصدر ، لأنّ المصدر أيضاً كسائر المشتقات ، وهو مباين معها لفظاً ومعناً ، فكيف يمكن أن يكون مادة للمشتقات وسارياً فيها لفظاً ومعنى ؟ فإذا عرفت أنّ مادة المشتقات هو اسم المصدر الساري معناه في تمام المشتقات ولفظه أعني الحروف الغير المتهيّئة بهيئة خاصة في ألفاظها ومعلوم من اللغة والعرف أنّها موضوعة لنفس الطبيعة المجرّدة فلا حاجة إلى الإجماع الذي ادّعاه السكّاكي على أنّ المصادر موضوعة للماهيّة من حيث هي ، لا نّه على فرض عدم هذا الإجماع يتمّ الاستدلال على أنّ الأمر لا يفيد إلاّ طلب الماهيّة من حيث هي ، لأنّه لو كان مادة المشتقات هو المصدر لزم من عدم هذا الإجماع عدم تماميّة الاستدلال . وأمّا بناءً على ما عرفت من أنّ المصدر ليس مادة المشتقات فلا يلزم من عدم الإجماع المذكور عدم تماميّة الاستدلال كما لا يخفى . ثمّ إنّ صاحب الفصول من جهة قيام الإجماع المذكور جعل النزاع في أنّ الأمر يفيد المرّة أو التكرار في الهيئة [1] ، لأنّه بعد قيام الإجماع على أن المادّة