الطاعة والمعصية له . وهذا المقدار من الاستناد لا يوجب استناد كفره وعصيانه إليه تعالى بعد أن كان صدورهما عنه بعزم منه واختيار ، إذ الفرض أنّ صدورهما عنه ليس كحركة المرتعش ، فإقدار الله تعالى العبد على الطاعة والمعصية وترغيبه إلى الطاعة وزجره عن المعصية كإعطاء السيف بيد أحد القابل لأن يستعمله في جهاد الكفار وأن يستعمله في قتل نفس محترمة ، وترغيبه في استعماله في الجهاد ونهيه عن استعماله في قتل النفس المحترمة ، فلو استعمله في قتل النفس هل يستند قتله إلى من أعطاه السيف ولا يصحّ مؤاخذة من صدر عنه القتل ، ولا يصحّ عقابه عليه . فكما يصحّ مؤاخذته وعقابه على صدور القتل عنه فكذلك يصحّ العقاب على الكفر والعصيان الصادر عن العبد القادر على اختيارهما واختيار الإيمان والطاعة . وتعلّق الإرادة التكوينية بكفره وعصيانه لا يوجب جبره على الكفر والعصيان وقبح العقاب عليهما ، إذ هي إنّما تعلّقت بكفره وعصيانه الناشئين عن اختياره لا مطلقاً ، فيصحّ العقاب عليهما ، لصدورهما عنه اختياراً مع كونهما مرادين لله تعالى بالإرادة التكوينية . فتحصّل : أنّه بناءً على القول باتّحاد الطلب والإرادة لا يلزم شيء من المحذورين لا عدم الطلب الجدي في تكليف الكفّار والعصاة بالإيمان والطاعة ، ولا تخلّف إرادته عن مراده الذي هو محال ، لأنّ المحال هو تخلّف مراده تعالى عن إرادته التكوينية لا الإرادة التشريعيّة ، والمعتبر في التكليف إنّما هي الإرادة التشريعية لا التكوينية ، فإذا توافقتا فلابدّ من اختيار الإيمان والطاعة ، وإذا تخالفتا فلا محيص من أن يختار الكفر والعصيان ومع ذلك لا يسند الكفر والعصيان إليه تعالى حتى لا يصحّ عقابه عليهما ، لأنّه أرادهما بالإرادة التكوينية أن يصدرا عنه بالاختيار ، وهو كاف في عدم استنادهما إليه تعالى وصحّة عقابه عليهما إذ بعد خلقه وإقداره وتهيئة الأسباب له لو لم يكن مختاراً في صرفها في الطاعة والمعصية ، بل كان مجبوراً على المعصية وكانت المعصية الصادرة منه كحركة