الظاهر عدم انحصار العلوّ بهما ، بل الجهات الآخر العرفيّة أيضاً موجبة لصدق العلوّ كالسلطنة والرئاسة والحسب والنسب والشيخوخة وأمثالها ، فيكفي في صدق الأمر العلوّ بإحدى هذه الجهات العرفية كما يكفي إحدى الجهتين الأُوليين . وإذا وقع تزاحم بين الجهات العرفية فتقدّم ما هو الأقوى بنظر العرف . وقد يختلف العرف فيما هو الأقوى من هذه الجهات ، والظاهر أنّ الشيخوخة متأخرة عن الكلّ وقد يقع التزاحم بين الجهات العرفيّة والشرعيّة كما إذا صار العبد - مثلا - سلطاناً والمولى رعية فهل هنا تقدّم الجهة الشرعيّة أو العرفيّة ؟ ففيه إشكال لو قلنا بتحقّق العلوّ بالجهات العرفية أيضاً ، وكذا لو وقع التزاحم بين الجهتين الشرعيتين كالعبد الأقرب إلى الله من مولاه ، والظاهر هنا تقديم الجهة المطاعية ، لأنّ قربه إلى الله تعالى بواسطة إطاعته له تعالى لا ينافي علوّ المولى عليه ظاهراً ، وعلى فرض الشكّ في تزاحم الجهتين الشرعيتين أو العرفيتين أو المختلفتين فحكمهما حكم المتساويتين . الثالثة : في أنّ مادة الأمر حقيقة في الوجوب أو في القدر المشترك بينه وبين الندب . واستدلوا للأوّل بالتبادر وآية : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " لولا أشق على أُمّتي لأمرتهم بالسواك " ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) لبريرة بعد قوله أتأمرني يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ : " لا بل إنّما أنا شافع " وصحّة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد المخالفة للأمر وتوبيخه عليها كقوله تعالى : ( ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ) [1] . واستدلّوا للقول الثاني بصحّة الأمر إلى الايجابي والندبي ، وبأنّه لو لم يكن موضوعاً للقدر المشترك لزم الاشتراك أو المجاز [2] وهما خلاف الأصل . وإذا دار الأمر بين الاشتراك المعنوي وبينهما فيقدّم الاشتراك المعنوي عليهما ، وبقولهم : إنّ
[1] كفاية الأُصول : في الأوامر ص 83 . [2] معالم الدين : في الأوامر ص 50 .