نام کتاب : فرائد الأصول نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 396
الثالث : أنه لو سلمنا أن الرجوع إلى البراءة لا يوجب شيئا مما ذكر من المحذور البديهي ، وهو الخروج عن الدين ، فنقول : إنه لا دليل على الرجوع إلى البراءة من جهة العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات ، فإن أدلتها مختصة بغير هذه الصورة ، ونحن نعلم إجمالا أن في المظنونات [1] واجبات كثيرة ومحرمات كثيرة . والفرق بين هذا الوجه وسابقه : أن الوجه السابق كان مبنيا على لزوم المخالفة القطعية الكثيرة المعبر عنها بالخروج عن الدين ، وهو محذور مستقل وإن قلنا بجواز العمل بالأصل في صورة لزوم مطلق المخالفة القطعية . وهذا الوجه مبني على أن مطلق المخالفة القطعية غير جائز ، وأصل البراءة في مقابلها غير جار ما لم يصل المعلوم الإجمالي إلى حد الشبهة الغير المحصورة ، وقد ثبت في مسألة البراءة : أن مجراها الشك في أصل التكليف ، لا الشك في تعيينه مع القطع بثبوت أصله ، كما في ما نحن فيه . فإن قلت : إذا فرضنا أن ظن المجتهد أدى في جميع الوقائع إلى ما يوافق البراءة ، فما تصنع ؟ قلت : أولا : إنه مستحيل ، لأن العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات الكثيرة في جملة الوقائع المشتبهة يمنع عن حصول الظن بعدم وجوب شئ من الوقائع المحتملة للوجوب وعدم حرمة شئ من الوقائع المحتملة