فالمتضادان عندهم هما الأمران الوجوديان المتعاقبان في الوجود اللذان لا يتوقف تصور أحدهما على تصور الاخر . ولكن الأصوليين يطلقون الضد على أقسام ثلاثة : ( أحدها ) النقيض عند أهل المعقول . ( ثانيها ) أحد الأضداد الوجودية لا بعينه ويسمون هذين بالضد العام . ( ثالثها ) كل واحد واحد من الأضداد المعينة ويسمونه بالضد الخاص . الثاني : بناء على ما ذكرنا سابقا من أن المسألة الأصولية ما تكون حجة في الفقه ، لا تكون هذه المسألة من المسائل الأصولية ، بل من المبادئ الأحكامية التي هي عبارة عن الأمور التي توجب معرفتها التصديق بمسائل ذلك العلم أو بصيرة فيه . كما أن المبادي اللغوية ما توجب فهم معاني الألفاظ التي تستعمل في ذلك العلم من الحقيقة والمجاز والمشترك بقسميه وغير ذلك . وكما أن المبادي العقلية ما يوجب البحث فيها تشخيص الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة من الأمور المدركة بالعقل . الثالث : أن القول بالجزئية أو العينية يتصور في الضد العام فقط دون الخاص ، كما لا يخفى على من تأمل . إذا عرفت هذا فاعلم أنه وقع النزاع في موردين : ( الأول ) أن الامر بالشئ هل يقتضي النهي عن ضده العام بنحو الجزئية أم لا ؟ ( الثاني ) هل يقتضيه بنحو العينية أم لا ؟ وجه الأول توهم تركب الامر ، لكنه ممنوع ، فإن الطلب كما ذكرنا سابقا مقول بالتشكيك يختلف بالشدة والضعف ، فالمرتبة الشديدة تسمى طلبا وجوبيا ، غاية الامر عند التعبير عن هذا المعنى وتفهيم المخاطب يعبر عنه بطلب الفعل مع المنع من الترك . وجه الثاني - أعني الاقتضاء بنحو العينية - فيمكن تقريره بوجوه :