ويصلح إذا كان المكلف قادرا على إتيانه في زمان الامتثال ، وهذا هو الشرط المتأخر للتكليف الذي قدمنا أنه لا يشترط كونه مقدما زمانا أيضا وإن كان مقدما بالطبع وبالعلية . وصاحب الفصول عليه الرحمة - حيث لا يرى الشرط المتأخر للواجب المشروط - التجأ إلى تقسيم الواجب بقوله رحمه الله : وينقسم الواجب باعتبار آخر إلى ما يتعلق وجوبه بالمكلف ولا يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة ، وليسم منجزا ، والى ما يتعلق وجوبه ويتوقف حصوله على أمر مقدور له ، وليسم معلقا . ( انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه ) . ومحصل ما ذكره في الفصول في بيان الواجب المعلق [1] على ثلاثة أقسام :
[1] على ما هو ببالي المستفاد من بيانات سيدنا الأستاذ الأكبر مد ظله ، والأولى نقل عبارة الفصول ليتضح الحال ، قال : تمهيد مقال لتوضيح حال ينقسم الواجب ببعض الاعتبارات إلى مطلق ومشروط ، فالمطلق منه ما لا يتوقف وجوبه - بعد حصول شرائط التكليف من البلوغ والعقل والعلم والقدرة - على شئ كالمعرفة ، وانما اعتبرنا الاطلاق بالنسبة إليها عقلا أو شرعا ، ويقابله المشروط وهو ما يتوقف وجوبه على غيرها كالحج . وقد يطلق الواجب المطلق ويراد به ما لا يتوقف تعلقه بالمكلف على حصول أمر غير حاصل ، سواء توقف على غير ما مر وحصل كما في الحج بعد الاستطاعة ، أو لم يتوقف كما مر ، وهو بهذا المعنى محل النزاع في المبحث الآتي ، ويقابله المشروط وهو ما يتوقف تعلقه بالمكلف على حصول أمر غير حاصل ، والنسبة بين كل من المطلقين ومشروطه تباين ، وبين كل منهما وكل من الآخرين عموم من وجه . وقد يعتبر الاطلاق والتقييد بالنسبة إلى شئ معين ، فيقال : الحج واجب مشروط بالنسبة إلى الاستطاعة ومطلق بالنسبة إلى شراء الزاد والراحلة ، فالواجب بالنسبة إلى سببيته التامة أو الجزء الأخير منه لا يكون إلا مطلقا لا يلزم إيجاب الشئ بشرط وجوبه ، فإنه يعد سفها قطعا ، وأما بالنسبة إلى غيره من المقدمات فيجوز أن يكون مطلقا ويجوز أن يكون مشروطا ، وحينئذ فهل الأصل في الامر المطلق - أي المجرد عن التقييد بالشرط - أن يكون مطلقا أو يتوقف بينه وبين أن يكون مشروطا ؟ قولان ، الأكثر على الأول وهو المختار ، وذهب السيد إلى الثاني ( انتهى ) . ومراده من ( السيد ) علم الهدى .