الانشائية . والتحقيق أن يقال : إن الداعي على الامر تارة يكون نفس إرادة وجود المأمور به كغالب العبادات البدنية والمالية وكإصلاح ذات البين مثلا . وأخرى تهيؤ المأمور وتوطينه لفعل المأمور به على نحو لو لم يكن مقصرا في أداء الوظيفة - بمعنى إتيان جميع مقدماته الاختيارية - ليحصل له الكمالات النفسانية من القوة إلى الفعل . والمقام من قبيل الثاني فإنه تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده ، وأراد تكميل نفسه الشريفة بلحاظ تحقق كمالات النفس الأمرية في الخارج ووجودها في المرتبة الفعلية بعد أن كان مستعدا لهذه الكمالات ، وذلك لا يحصل بالامر بالمقدمة دون ذيها ، لعدم حصول الكمال في إتيان المقدمة مع العلم بعدم الامر بذيها . والحاصل : أن الإرادة تتعلق بالمقدمة مع الامر بذيها بقصد تحقق الكمال له عليه السلام في مرتبة الفعلية . وقد يجاب [1] عن الثاني بأن امتناع تخلف الإرادة عن المراد مختص بأفعاله تعالى بمعنى إرادة إيجاد الفعل بنفسه ، وأما إرادة وجوده من غيره فلا نسلم الامتناع . وأجاب في الكفاية أيضا [2] بما مرجعه إلى ما ذكره هذا المجيب من أن
[1] المجيب من المتكلمين على ما صرح به الأستاذ مد ظله ودامت إفاداته . [2] قال في الكفاية : ( إشكال ودفع ) أما الاشكال : فهو أنه إنما يلزم بناء على اتحاد الطلب والإرادة في تكليف الكفار بالايمان بل أهل العصيان في العمل بالأركان ، إما أن لا يكون هناك تكليف جدي إن لم يكن هناك إرادة ، حيث إنه لا يكون حينئذ طلب حقيقي ، واعتباره في الطلب الجدي ربما يكون من البديهي ، وإن كان هناك إرادة فكيف تتخلف عن المراد ؟ ولا يكاد يتخلف إذا أراد الله شيئا يقول له كن فيكون . وأما الدفع : أن استحالة التخلف إنما تكون في الإرادة التكوينية - وهو العلم بالنظام على