الإرادة دائما دون الطلب النفسي لما أمر الله تعالى الخليل عليه السلام بذبح ولده عليه السلام ، لعدم إرادة فعل الذبح منه عليه السلام حقيقة ، مع أنه تعالى أمره عليه السلام كما هو المستفاد من قوله تعالى حكاية عنه عليه السلام : إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر . . الآية [1] . ( ثانيهما ) انه لو كان كذلك لما تحقق الكفر والعصيان ، ولوجب تحقق الاسلام والاطاعة والايمان لعدم إرادة الأولين [2] وإرادة الأخيرين [3] مع أنه ليس كذلك بالضرورة . وتوهم إمكان تحقق الإرادة مع عدم تحقق الفعل مدفوع بامتناع تخلف الإرادة عن المراد ، قال الله تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [4] . وقد يجاب عن الأول بما في الكفاية [5] من أنه كما لا يكون هنا إرادة حقيقية كذلك لا يكون الطلب الحقيقي ، نعم ، هنا وجودهما الانشائي . وفيه : ما ذكرناه من أنه أجنبي عن محل النزاع وعدم تصور الإرادة
[1] الصافات : 102 . [2] أي الكفر والعصيان . [3] أي الاسلام والاطاعة . [4] يس : 82 . [5] قال في الكفاية - بعد نقل استدلال الأشاعرة على المغايرة بين الطلب والإرادة بالامر مع عدم الإرادة كما في صورتي الاختبار والاعتذار ، وبعد ذكر أن فيه خللا - : ما هذا لفظه : وبالجملة ، الذي يتكفله الدليل ليس إلا الانفكاك بين الإرادة الحقيقية والطلب المنشأ بالصيغة ، الكاشف عن مغايرتها وهو مما لا محيص عن الالتزام به كما عرفت ، ولكنه لا يضر بدعوى الاتحاد أصلا لمكان هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقي والانشائي كما لا يخفى . ثم إنه يمكن مما حققناه أن يقع الصلح بين الطرفين ولم يكن نزاع في البين ، بأن يكون المراد بحديث الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوما ووجودا حقيقيا وإنشائيا ، ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو اثنينية الانشائي من الطلب كما هو كثيرا ما يراد من إطلاق لفظه ، والحقيقي من الإرادة كما هو المراد غالبا منها حين إطلاقها ، فيرجع النزاع لفظيا ، فافهم ، انتهى كلامه رفع مقامه . ( الكفاية : ج 1 ص 97 ) .