الامتناع إنما هو في الإرادة التكوينية دون التشريعية . والمراد بالأولى علم الباري تعالى بوجود الممكنات على الوجه الأكمل والأتم ، وبالثانية علمه تعالى بصلاح هذا الفعل للعبد إذا صدر منه ، فإذا توافقتا فلا بد من الإطاعة والايمان ، وإذا تخالفتا فلا محيص عن الكفر والعصيان . ثم استشكل على نفسه بأن لازم [1] هذا عدم جواز العقاب والعتاب لتارك الايمان والعابدة ، مع أنه مناف لبعث الرسل الموعدين للعقاب بالضرورة . ثم أجاب بما محصله : أن العقاب وما يتبعه مترتب على الكفر الصادر منه
النحو الكامل التام - دون الإرادة التشريعية - وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلف - ومالا محيص عنه في التكليف أنما هو هذه الإرادة لا التكوينية ، فإذا توافقتا فلا بد من الإطاعة والايمان ، وإذا تخالفتا فلا محيض عن أن يختار الكفر والعصيان ، انتهى كلامه رفع مقامه . ( الكفاية : ج 1 ص 99 ) . [1] بقوله قدس سره : ( إن قلت : ) إذا كان الكفر والعصيان والاطاعة والايمان بإرادته تعالى التي لا تكاد تتخلف عن المراد فلا يصح أن يتعلق بها التكليف لكونها خارجة عن الاختيار المعتبر فيه عقلا . ( قلت : ) إنما يخرج بذلك عن الاختيار لو لم يكن تعلق الإرادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختيارية وإلا فلا بد من صدورها بالاختيار ، وإلا لزم تخلف إرادته عن مراده ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا . ( إن قلت : ) إن الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بإرادتهما إلا أنهما منتهيان إلى ما لا بالاختيار ، كيف وقد سبقهما الإرادة الأزلية والمشية الإلهية ، ومعه كيف تصح المؤاخذة على ما يكون بالآخرة بلا اختيار ؟ ( قلت : ) العقاب إنما يتبع الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة بخصوص ذاتهما ، فإن السعيد سعيد في بطن أمه ، والشقي شقي في بطن أمه ، والناس معادن كمعادن الذهب والفضة - كما في الخبر - والذاتي لا يعلل فانقطع سؤال انه لم جعل السعيد سعيدا ، والشقي شقيا فإن السعيد سعيد بنفسه ، والشقي شقي كذلك ، وإنما أوجدهما الله تعالى ( قلم اينجا رسيد ، سر بشكست ) قد انتهى الكلام في المقام إلى ما ربما لا يسعه كثير من الافهام ، ومن الله الرشد والهداية وبه الاعتصام ، ( الكفاية : ج 1 ص 99 - 101 ) .