ماض أو مضارع . ( أما الأولان ) فإن أرادوا من دلالتهما كونهما دالين على الطلب والزجر وهما أمران زمانيان فلا إشكال في عدم دلالتهما عليه ، لان الموجودات الزمانية كلها لابد لها من الزمان ، سواء كانت مدلولة للامر والنهي أو الأعيان الخارجية كالشجر والحجر وأسماء الاعلام للأشخاص كزيد وعمرو وبكر مثلا . وإن أرادوا أنهما يدلان على طلب الصدور من المأمور وصدور الفعل لا بد له من الزمان فكذلك أيضا ، لان الصدور أيضا أمر زماني لا بد له من الزمان ، بل المكان فلا يكون واحد منهما مأخوذا في مفهومهما . ( وأما الثالث ) فهو أيضا كالأولين في عدم دلالته على الزمان ، وإلا يلزم التفكيك بين المعاني المستعمل فيها الافعال . وهو كما ترى ، فإن الافعال المستندة إلى غير الزمانيات مثل ( علم الله ) و ( علم جبرئيل ) أو ( وجد العقل ) ومثل ( وجدت العلة فوجد المعلول ) لا تدل على الزمان قطعا لكون مدخولاتها غير زمانية .
في الحال كما هو الحال في الاخبار بالماضي أو المستقبل وبغيرهما كما لا يخفى ، بل يمكن منع دلالة غيرهما من الافعال على الزمان إلا بالاطلاق والاسناد إلى الزمانيات ، وإلا لزم القول بالمجاز والتجريد عند الاسناد إلى غيرها من نفس الزمان والمجردات . نعم ، لا يبعد أن يكون لكل من الماضي والمضارع بحسب المعنى خصوصية أخرى موجبة للدلالة على وقوع النسبة في الزمان الماضي وفي الحال أو الاستقبال في المضارع فيما كان الفاعل من الزمانيات . ويؤيده أن المضارع يكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال ، ولا معنى له إلا أن يكون له خصوص معنى صح انطباقه على كل منهما ، لا أنه يدل على مفهوم زمان يعمها ، كما أن الجملة الإسمية كزيد ضارب يكون لها معنى صح انطباقه على كلم واحد من الأزمنة مع عدم دلالتها على واحد منها أصلا فكانت الجملة الفعلية مثلها . وربما يؤيد ذلك أن الزمان الماضي في فعله وزمان الحال والاستقبال في المضارع لا يكون ماضيا أو مستقبلا حقيقة وفي المضارع ماضيا كذلك ، وإنما يكون ماضيا أو مستقبلا في فعلهما بالإضافة كما يظهر من مثل قوله : يجيئني زيد بعد عام وقد ضرب قبله بأيام ، وقوله : جاء زيد في شهر كذا وهو يضرب في ذلك الوقت أو فيما بعده ، فبما مضى فتأمل جيدا ، انتهى كلامه رفع مقامه . ( الكفاية ج 1 ص 61 الطبع الحجري ) .