وأما في المقام فهذا الأصل غير جار في الضمير للعلم بخلافه بدليل خارجي ، وهذا بخلاف العموم ، فالأصل جار فيه فالحكم بالتربص عام لجميع المطلقات ، والحكم بالأحقية خاص بالرجعيات فقط ، فلا مجاز لا في العموم ولا في الضمير . الخامس عشر قد ذكرنا أن الحكم إن كان مترتبا على ذات الموضوع من غير مدخلية قيد آخر فيه فإثباته لموضوع آخر - مشترك معه في الذات ولو كان مختلفا في الصفات - يسمى مفهوم الموافقة ، سواء كان ثبوته له أولى كحرمة ضرب الوالدين المستفادة من قوله تعالى : فلا تقل لهما أف [1] أو مساويا له كقوله مثلا : إذا شك الرجل بين الثلاث والأربع يبني على الأربع ، لثبوت هذا الحكم للمرأة أيضا . وبلسان متأخري المتأخرين يعبر عنه بإلغاء الخصوصية . وإن كان مترتبا على موضوع مع مدخلية قيد آخر في الحكم كقوله مثلا : في السائمة زكاة ، فإن الموضوع للوجوب ذات الغنم مع كونها سائمة فنفيه عن موضوع مجردا عن القيد - كالمعلوفة - مفهوم المخالفة . إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد ادعى الاجماع على جواز التخصيص بمفهوم الموافقة ، وإنما الاختلاف في مفهوم المخالفة . وفيه انا لم نجد مصرحا بذلك بل كلماتهم مطلقة ، نعم ذكر العضدي [2] أن
[1] الاسراء : 23 . [2] القاضي عبد الرحمن بن عبد الغفار الفارسي الشافعي الأصولي المتكلم الحكيم المدقق المحقق ، كان من علماء دولة السلطان اولجايتو محمد المعروف ب ( شاه خدا بنده ) المغولي ( إلى أن قال : ) له شرح مختصر ابن الحاجب ، وهو معروف بين العلماء ، وله المواقف في علم الكلام الذي شرحه المحقق الشريف ، وله كتاب في الأخلاق مختصر لخص فيه زبدة ما في المطولات ، شرحه تلميذه شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني المتوفى 786 ه ، إلى