خاتمة حكي عن أبي حنيفة القول بدلالة النهي على الصحة . وقد يوجه بأن كل شئ يكون مأمورا به أو منهيا عنه يكشف عن صدق عنوان الموضوع عليه ، لان الأوامر والنواهي لا تكون محققة لموضوعاتها ، فتوجه الأمر والنهي على شئ فرع صدق هذا العنوان مع قطع النظر عن الأمر والنهي ، فكما إذا أمر بشئ يكشف عن صدق هذا العنوان ، كذا إذا نهى عنه يكشف عن صدقه أيضا ، فإذا أمر بالصوم يكشف منه أن ما أمر به المولى يكون مصداقا صحيحا للمأمور به . وبعبارة أخرى : المأمور به هو الصوم ، وإذا نهى عنه يكشف منه على أن ما نهى عنه يكون مصداقا للمنهي عنه . وبعبارة ثالثة : المنهي عنه هو الصوم وهو المطلوب . والجواب منع الملازمة بين صدق العنوان واتصافه بالصحة بمعنى ترتب الآثار التي من جملتها التقرب إليه سبحانه وتعالى وسقوط الامر أو الإعادة . نعم يصدق عليه أنه صوم مثلا مسامحة وتجوزا ، كما لا يخفى . والمفروض أنه ليس مأمورا بإيجاد مسمى العنوان ، بل المأمور به هو العنوان الصحيح ، والحمد لله .
تزويج الرجل أمة الغير بغير إذن مولاها محرم ، فإذا أوقع العقد على هذا المحرم يقع فاسدا ، فتدل - مع إلغاء الخصوصية - على أن كل عقد وقع محرما لا تترتب عليه الآثار الصحيحة إلا أن يقال : من شروط وقوع العقد على أمة الغير صحيحا إذن مولاها ، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط ، وهذا لا دخل له بالمقام أصلا ، فتأمل . ( المقرر عفي عنه ) .