والحاصل : أن المستفاد من هذين الفرعين أمران ، أحدهما : كون المشتق حقيقة في الأعم ، وثانيهما : جريان النزاع في الجوامد . فالتحقيق أنه إن قلنا بكون المسألة عقلية بدعوى جواز الجري دائما على من تلبس بالمبدأ ولو كان قد انقضى عنه فعلا عقلا [1] فتعم الجوامد أيضا ، فان عنوان النزاع - ولو لم يكن شاملا للجوامد - إلا أنه يعمه بالملاك ، فان ملاك جريان النزاع في المشتق هو أن المفهوم الصادق على الذات لمعروضيته بعرض مفارق هل يصدق بعد زوال هذا العرض أو لا ؟ وهذا بعينه جار في الجوامد المعروضة للمفارقات ، فإن زيدا يصدق عليه أنه زوج والزوجية من الاعراض المفارقة فيبحث أنه هل يصدق عليه هذا العنوان بعد مفارقة هذا العرض أم لا ؟ وإن قلنا : إن النزاع لفظي لغوي لا عقلي - كما هو الظاهر من استدلالهم بالتبادر وصحة السلب وعدمهما - فلا تعم الجوامد حينئذ ، فان القائلين بالأعم يدعون أن صدق المفهوم على الذات - باعتبار حيثية ينتزع منها - أمر اعتباري يبقى بعد زوال الحيثية ، وهذا لا يتصور في الجوامد ، فان الحيثية المأخوذة في المثال هي الزوجية ، ولا يتصور انتزاع أمر يبقى حتى بعد زوالها ، فان صدق الزوجية باعتبار أنه زوج فكيف تبقى هذه الحيثية بعد زوال كونه زوجا ؟ التنبيه الثاني : لا يخفى أن أنحاء تلبسات الذوات بالمبادئ مختلفة ( فتارة ) تلبس الذات بمبدأ يكون بنحو الاستعداد - كما في الأشجار المثمرة - بمعنى استعدادها وقابليتها للاثمار ، فانقضاؤها بزوال هذا الاستعداد . ( وأخرى ) بنحو الملكة كالعادل والشجاع ، فانقضاؤها بزوال هذه الملكة . ( وثالثة ) بنحو الفعلية كما في الكاتب أو القائم مثلا ، فانقضائهما كذلك . ( ورابعة ) بنحو الحرفة أو الصفة كما في نحو البقال أو التمار ، فزوالها وانقضاؤها برفع اليد عنهما . كما أن كونه مصداقا لذلك المفهوم أيضا مختلف ( فتارة ) بنحو الصدور كما في الضارب . ( وأخرى ) بنحو الوقوع كالمضروب . ( وثالثة ) بنحو الآلية كما في