فصل في النواهي هل الامتياز بين الأمر والنهي من حيث المتعلق أم لا ؟ وبعبارة أخرى : هل معنى الأمر والنهي واحد والاختلاف بحسب المتعلق أم غيره ؟ الذي يقتضيه النظر الدقيق أن يقال : إن الأمر والنهي مختلفان بحسب المبادئ وبحسب نحو التعلق وذلك أن المولى إذا تصور أمرا يكون وجوده مصلحة للعبد أو لنفس المولى في الموالي العرفية يصير محبوبا له فيأمر العبد بذلك ، فمتعلق الامر حينئذ يكون أمرا وجوديا ذا مصلحة للعبد أو للمولى . وأما إذا تصور شيئا يكون لوجوده مفسدة للعبد أو للمولى يصير مبغوضا له فينهى ، فمتعلق النهي أيضا أمر وجودي ذو مفسدة . وبعبارة أخرى : يكون الامر عند اعتبار العقلاء على تقدير عدم وضع لفظ يدل عليه بعث العبد إلى الفعل تكوينا وجره إليه ، والنهي الزجر عنه تكوينا والمنع من تحققه عند اعتبارهم مثلا . وكلا المتعلقين يكونان أمرين وجوديين . ولا يكون معنى النهي الطلب المتعلق بالعدم ، ليكون متعلقه مغايرا لمتعلق الامر حيث طلب الوجود ، كما ذهب إليه المشهور وقرره صاحب الكفاية أيضا ، قال : الظاهر أن النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب مثل الامر بمادته