نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 524
إنما هو لإفادة المرجّح لأقربية الرّاجح إلى الواقع بالنّسبة إلى
صاحبه و مع اعتبار الاستصحاب من باب السّببيّة و رفع اليد عن الواقع و جعل
مدار العمل علىمقتضاه من حيث هو لا يبقى محلّ للتّرجيح بل حكم التعارضين
حينئذ هو التساقط و الرّجوع إلى أصل آخر كما سيجيء في محلّه ثمّ إنا إذا
قلنا باعتبار التّرجيح في متعارضانالأصول أو الأخبار أو غيرها ممّا هو
معتبر من باب الظنّ النّوعي فإنّما هو بالمرجحات الدّاخلة كتعدد الرّاوي و
أعدليّته و أوثقيته و أصدقيته و نحوها من مرجّحاتالأخبار و الموجود من هذه
المرجّحات في تعارض الأصول هو التعدّد خاصّة لعدم وجود غيره فيها فينحصر
التّرجيح فيها في القلّة و الكثرة و السّرّ فيما ذكرناه أنّ الشّارعإذا
اعتبر أمارة في مقابل غيرها كاليد و السّوق و البينة في الشبهات الموضوعيّة
و الأخبار في الشبهات الحكميّة و الاستصحاب مطلقا في مقابل الشّهرة و عدم
الخلاف والاستقراء و الغلبة و القياس و نحوها فهو يكشف عن وجود مصلحة فيها
دون غيرها ككونها غالبة الإيصال إلى الواقع بالنّسبة إلى غيرها فيحصل لها
منهذه الجهة نوع تعبديّة فلا يلاحظ في جنبها الظنون الخارجة الحاصلة على
طبقها أو خلافها سواء كانت في مقام التعارض أم غيره نعم اعتبارها من باب
الكشفو الظّنون النوعيّة يوجب جواز التّرجيح بما يظنّ معه أنّ ما يوافقه
أقرب إلى الواقع و لكن هذا إنّما هو فيما استند الظنّ إلى ما يرجع إلى نفس
المعارض الرّاجح و هوالمرجّح الدّاخلي إذ يمكن أن يستدلّ على جواز الترجيح
به حينئذ بنفس ما دلّ على اعتبار المتعارضين في أنفسهما بخلاف ما لو كان
المرجّح خارجيّا كموافقة الشّهرةو نحوها إذ لا بدّ في جواز التّرجيح به من
دليل آخر كما سيجيء توضيحه في باب التّعادل و التّرجيح و لعل التّرجيح بما
ذكرناه ممّا لا خلاف فيه بل قد نفي بعضهمالخلاف عنه بين العامة و الخاصة و
من هنا يسقط ما أورده المحقق القمي على الشّهيد الثّاني و غيره في حكمهم
بوجوب تقليد الأعلم معللين بكونه أقوى وأرجح و اتباعه أولى و أحقّ بأن قول
غير الأعلم أيضا قد يكون أقرب إلى الواقع في نظر المقلّد لأجل موافقته
للشّهرة أو قول الميّت الأعلم بمراتب من الحيّ الأعلمأو نحو ذلك من
الأمارات الموهنة لحصول الظنّ بأقربية قول الحيّ الأعلم إلى الواقع و وجه
سقوطه أنّ اعتبار الشّارع لقول المجتهد الحيّ في مقابل الأمواتو الشّهرة
مثلا يمنع من ترجيح قول غير الأعلم على قول الأعلم بالموافقة للشهرة مثلا
على ما عرفت و ثانيها أنا إذا قلنا باعتبار الاستصحاب أو غيره من الأصول أو
الأماراتمن باب الظنّ النوعي فلا بدّ من تقديمه على ما هو المعتبر من باب
السّببيّة عند المعارضة من باب تقديم الدّليل على الأصل بخلاف ما لو قلنا
باعتباره منباب السّببية إذ لا بدّ حينئذ من تقديم معارضه عليه إن كان
معتبرا من باب الظنّ النّوعي أو الحكم بالمعارضة إن كان ذلك أيضا معتبرا من
باب السّببيّة و ثالثها أنا إذاقلنا باعتباره من باب الظنّ النّوعي فلا
مناص من القول باعتبار الأصول المثبتة بخلاف ما لو قلنا باعتباره من باب
السّببيّة و إذا عرفت هذا فاعلم أنا إن قلناباعتبار الاستصحاب من باب
الأخبار فلا ريب في كون اعتباره حينئذ من باب التعبد كما أوضحه المصنف رحمه
الله و إن قلنا باعتباره من باب العقل كما هو ظاهر المشهور حيث لميتمسّك
فيه أحد بالأخبار إلى زمان والد شيخنا البهائي فلا مناص من القول باعتباره
من باب الظنّ إذ العقلاء لا يقدمون على اعتبار أمارة من دون ملاحظةرجحان
فيها لأنّ نسبة الوجود و العدم مع عدم رجحان أحدهما متساوية عند العقل فلا
بد في حكمه بالأخذ بأحدهما من مرجّح لا محالة فلا بد في حكمه بالأخذ
بالحالةالسّابقة من رجحان البقاء عنده إمّا من جهة غلبة البقاء أو من جهة
كون العلّة الموجدة مبقية فيحصل الظنّ بالبقاء ما لم توجد علّة الارتفاع
فإن قلت إن صحّ ماذكرت من عدم حكم العقل بشيء إلاّ بعد ملاحظة رجحان فيه و
عدم أخذه بشيء تعبّدا فكيف يحكم بأصالة الحقيقة من باب التعبد العقلائي
كما هو أقوى الوجهينقلت إنا نمنع كون بناء العرف و العقلاء على اعتبار
ظواهر الألفاظ من باب التعبّد المحض من دون ملاحظة رجحان في الأخذ بها و
ذلك لأنّ العلم بمراداتالمتكلمين لما كان منسدا غالبا و كانت ظواهر
الألفاظ و إن كان ظهورها ناشئا من القرائن الخارجة مرادة لهم في الغالب و
لم يكن هنا طريق علمي يتوصّل به إلى مراداتهمفلم يجدوا بدّا من الأخذ
بظواهرها فكان هذا هو السّرّ في أخذهم بها من أوّل الأمر و إن آل أمرهم إلى
التعبد بها مع قطع النّظر عن إفادتها للظن بالمراد شخصا أونوعا لا أن
أخذهم بها خال من ملاحظة الرجحان من رأس ثم إنّ ظاهر المشهور اعتباره من
باب الظنّ النّوعي دون الشّخصي كما تشهد به كلماتهم في الفروع و
الأصولأمّا الأوّل فإنا لم نقف إلى الآن من رفع اليد عن مقتضى الاستصحاب
بمخالفته للشّهرة مثلا ممّن لا يقول باعتبارها فلو كان اعتباره من باب
الظنّ الشّخصيفلا مناص من رفع اليد عن مقتضاه في مقابلها لانتفاء مناط
اعتباره حينئذ هذا في الأحكام و أمّا الموضوعات فناهيك في ذلك بملاحظة
رسائلهم العمليّة حيث يفتونفيها بأنّ من تيقن بالحدث ثمّ شكّ في بقائه
يبني على البقاء من دون تفصيل بين الظنّ بخلافه و عدمه و هكذا في غيره من
موارد الاستصحاب مع اختلاف المقلدين فيذلك جدّا لأنّ من توضأ في الفجر و
شكّ في بقائه عند الغروب مثلا فلا شكّ أنّ الغالب حصول الظنّ بعدم بقاء
الطهارة حينئذ و أمّا الثّاني فيكفيك فيه تعريفالعضدي الّذي هو مؤسّس أساس
الأصول من العامة للاستصحاب بأنّ الشيء الفلاني قد كان و لم يظن عدمه و
كلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء و ما يتوهّم منه من ذهابهإلى اعتباره من
باب الظنّ الشّخصي نظرا إلى أخذ الظنّ بالبقاء في تعريفه فاسد جدّا
لاستلزامه الكذب في الحدّ لوضوح أنّ عدم الظنّ بالعدم لا يستلزم الظنّ
بالبقاءفعلا نعم لا نضايق من استلزامه له نوعا و هو معنى اعتباره من باب
الظنّ النّوعي فإن قلت إن ما ذكرته من اعتباره من باب الظنّ النّوعي إنّما
يتم إن قلنا باعتباره منباب بناء العقلاء و هل يمكن الاستدلال عليه حينئذ
بدليل الانسداد أيضا أو لا بدّ من القول باعتباره حينئذ من باب الظّنون
الشخصيّة قلت إنّ ظاهر من تمسّك فيه بدليلالانسداد هو اعتباره من باب
الظنون الشخصيّة و لكن يمكن مع ذلك القول باعتباره من باب الظنّ النوعي
أيضا و ذلك لأنّ المدار مع انسداد باب العلم بالأحكامالواقعيّة شرعا و
وجدانا غالبا ليس على صفة الظنّ من حيث هي بل من حيث أقربيّة مؤدّاه إلى
الواقع في مقابل الشكّ و الوهم فلو علم إجمالا غلبة مخالفة أمارة للواقع
فلا يجوزالعمل بها و لو مع إفادتها للظنّ بالواقع فلا بدّ حينئذ أن يكون
المدار على غلبة مطابقة الأمارة للواقع سواء كان ذلك مع إفادتها للظنّ
الشّخصي بالواقع أم لا و إليه
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 524