نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 41
الشّرعيّة موكول إلى العقل و ملاحظة كيفية سلوك العبيد مع
الموالي في إطاعة تكاليفهم و ممّا يؤكد ما ذكرناه من عدم تصرّف الشّارعفي
موضوع الإطاعة و المعصية و حكمهما أنّ مولى حكيما إذا أمر عبده بفعل و لم
يأمر بإطاعته و لم ينه عن مخالفته و لم يبيّن له كيفيّةإطاعته لم يكن
مقصّرا في بيان التّكليف عند العقل و العقلاء و لو لم يتعرض العبد لامتثال
أمره لا يبقى له مجال للعذر بأنّه لم يأمرنيبإطاعته أو أنّه لم يبيّن لي
كيفيّة إطاعته و ليس ذلك إلاّ لكون كيفيّة الإطاعة و وجوبها ثابتتين عند
العقل بل لو نهاه المولى عن إطاعتهمع عدم نسخه لأمره عدّ ذلك منه قبيحا و
مناقضا لما أراده و ممّا ذكرناه ظهر الوجه أيضا في الفرق بين الشّكّ في
شرائط امتثال التّكاليفالشّرعيّة و بين الشّكّ في شرائط المأمور به و
أجزائه حيث إنّ الأوّل مورد لقاعدة الاحتياط و الثّاني لقاعدة البراءة و
وجه الفرق أن مبنيالبراءة على قبح التّكليف بلا بيان و هو لا يتأتى فيما
هو موكول إلى طريقة العقلاء على ما عرفت و هذا الّذي ذكرناه من كون كيفيّة
الإطاعةو حكمها موكولتين إلى العقل و طريقة العقلاء الّذي هو مبني الفرق
بين شرائط الامتثال و شرائط المأمور به قد جرينا فيه على مذاق المصنفحيث
إنّ ظاهره هنا كون كيفيّة الإطاعة موكولة إلى العرف و قد صرّح بالفرق بين
الشّرائط في أواخر مسألة البراءة عند التعرّض لبطلان عبارةتارك طريقي
الاجتهاد و التّقليد و الّذي يقتضيه النّظر القاصر أنّ حكم الإطاعة كما
تقدّم عقلي غير تابع لجعل الشّارع بل غير قابل له و أمّا موضوعالإطاعة فهو
و إن كان موكولا إلى طريقة العقلاء أيضا كما هو واضح و لا يلزم منه قبح
على الشّارع كما يظهر من ملاحظة ما تقدّم من المثال إلاّأنّه قابل للتّصرف
فيه بازدياد بعض الشّرائط و القيود فيه و ذلك أنّ الشّارع إذا أمر بالصّلاة
مثلا فلا ريب أنّ امتثال هذا الأمر يحصل عرفابالإتيان بها على ما بيّنه
الشّارع من أجزائها و شرائطها و لكن للشّارع أن لا يقنع بهذا الامتثال بأن
يشترط فيه قيدا زائدا كقصد وجهالفعل مثلا كما هو المشهور و هو من شرائط
الامتثال دون الأمر أو المأمور به لتأخره عن الأمر بل هو متفرع عليه فلا
يمكن أخذه قيدا له و ماهو متأخّر عنه لا يعقل قيدا للمأمور به أيضا لتقدّم
قيود المأمور به على الأمر كما هو واضح و لا يلزم منه قبح على الشّارع
فالتحقيق حينئذ هو التّفصيلبين شرائط الامتثال بأنّ الشّرط إن كان ممّا
يعتبر في الامتثال عرفا بأن كان من الشّرائط العرفيّة كاشتراط عدم تكرار
العمل في الإطاعة الإجماليّةلعدم صدقها عرفا مع الاحتياط المحوج إلى تكرار
العمل كثيرا بحيث يعدّ العبد معه لاعبا بأمر مولاه إذا تمكّن من تحصيل
العلم بالإطاعةالتّفصيليّة فالشّكّ في اعتبار مثل هذا الشّرط مورد لقاعدة
الاحتياط لفرض كون إحراز مثل هذا الشّرط نفيا أو إثباتا موكولا إلىالعرف و
لا مسرح لقاعدة البراءة هنا كما أشرنا إليه و لا لإطلاق الأوامر فإنّه
بإطلاق الأمر لا يمكن إحراز كيفيّة امتثاله بل حصول امتثالهتابع لصدقه
عرفا بالنّسبة إلى ما يعتبر فيه عرفا و إن كان مما يعتبر في الامتثال شرعا
كقصد الوجه على ما عرفت فإن اعتباره على تقديره شرعيّ لا عرفي لعدم توقّف
صدقالامتثال عرفا عليه يقينا فمع الشكّ في اشتراط مثل ذلك شرعا في
الاعتداد على الامتثال العرفي يمكن نفيه بأصالة البراءة إذ لا فرق
فيالقيود التعبّديّة بين كونها قيدا للامتثال أو للمأمور به في حكم العقل
بقبح التّكليف بها بلا بيان و الحاصل أنّ الشّرائط على أقسامفبعضها شرط
للأمر و بعض آخر لامتثاله و ثالث للمأمور به و الأصل في الأوّل هو الاشتراط
في وجه يظهر من المصنف في بعض مباحث البراءة والإطلاق في وجه آخر قويّ كما
تقرّر في محلّه و في الثّاني هو التّفصيل بما عرفت و في الثّالث هو
الإطلاق بقول واحد من القائلين بالبراءة عندالشّكّ في الأجزاء و الشّرائط و
إذا تمهّد هذا فنقول إنّ الكلام في الاقتصار على الموافقة الإجماليّة في
العبادات يقع في مقامين أحدهماأن لا يتمكن من تحصيل العلم التّفصيلي
بالموافقة و لا الظن بها خاصا كان أو مطلقا و لا إشكال في كفايتها فإنّ ذلك
أقصى ما يمكن من إطاعةالتّكليف المعلوم تفصيلا أو إجمالا فإذا كان له
ثوبان اشتبه طاهرهما بمتنجّسهما يجوز له الصّلاة فيهما مكرّرا لها و كذا لو
اشتبهت عليهالقبلة في الجهات الأربع أو الثّلاث مثلا يجوز له تكرار
الصّلاة إلى جهات الاشتباه و هكذا خلافا لما حكاه المصنف رحمه الله عن
الحلي في الثّوبين المشتبهينحيث حكم بوجوب الصّلاة حينئذ عريانا و الّذي
يمكن أن يستدل به عليه أمران أحدهما أنّ الواجب عليه صلاة واحدة فالاحتياط
بتكريرها تشريعو فيه مع مخالفته لما يظهر منه من تمسّكه بقاعدة الاحتياط
في إثبات الأحكام في كثير من الموارد أنّ الاحتياط مضادّ للتّشريع فإنّه
إدخال ما ليسمن الدين أو شكّ في كونه من الدّين في الدّين بقصد أنّه من
الدّين و الاحتياط هو الإتيان بما يحتمل كونه من الدّين بداعي احتمال كونه
منه تحصيلاللواقع و ثانيهما اعتبار نيّة الوجه في العبادات فقصد كون المأتي
به واجبا معتبر في حصول امتثال الأمر بالصّلاة و هو غير حاصل مع
الاحتياطبتكرير الصّلاة إذ حين العمل يحتمل كون المأتي به غير واجب لاحتمال
كون الواجب ما أتى به سابقا أو يريد الإتيان به لاحقا و غاية ما يترتب
علىفعله بعد الفراغ منهما هو القطع بحصول الواجب في ضمنهما و هو أمر وراء
نيّة الوجه حين العمل و فيه أولا المنع من اعتبار قصد الوجه لحصولالامتثال
بدونه عرفا و لا دليل عليه شرعا إن لم يكن دليل على خلافه كما ستعرفه مع
أنّ الأصل عدمه بالتّقريب الّذي تقدم فالّذي يعتبر في العبادةقصد القربة
المتحقّق بالإتيان بها بقصد كونها مطلوبة و راجحة شرعا و إن لم يقصد خصوص
وجهها من الوجوب أو الاستحباب و مع التّسليمفإنّما يسلم مع التّمكّن من
تحصيل العلم التّفصيلي بالموافقة لا في مثل ما نحن فيه و ثانيا أنّه قد
يقال بإمكان قصد الوجه في المقام فإنه عبارة عن الإتيان بالفعل على طبق ما
اقتضاه الدليل من وجوبه أو استحبابه و لا فرق في ذلك بين الأدلة الاجتهادية
و الأصول فحيث اقتضت قاعدة الاحتياط وجوب كل من الفعلين فأتى بهما المكلف
مقارنين بقصد
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 41