أقول: الحق والإنصاف يقتضي أن لا نحكم على جميع ما صححه الترمذي أو حسنه أو ضعفه بعدم الاعتماد، وفي المقابل لا نأخذ ولا نسلم بجميع ما يصححه أو يحسنه أو يضعفه، بل ينبغي أن نسلك في ذلك مسلك الوسطية الممدوحة، فلا نستعجل في الترك أو الأخذ وننظر في تلك التصحيحات والتحسينات فان توافرت فيها الشروط أخذنا بها وإلا تركناها ولم نعتمدها.

وحديث نبوة عمر بن الخطاب الذي حسنه الترمذي لم يأتِ وباعتراف الترمذي نفسه إلا من (حَدِيثِ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ) وهذا خلاف شرط الحسن عند الترمذي، لان شرط الحسن عنده هو (أن لا يأتي من طريق واحد بل يأتي من أكثر من طريق) وهو مفقود هنا، فلا يعتد حينئذ بتحسينه ويكون مشمولا بقول الذهبي وغيره.

2: تصحيح الحاكم النيسابوري لحديث نبوة عمر وموافقة الذهبي له

قال الحاكم النيسابوري في (المستدرك على الصحيحين): (أخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق الخزاعي، بمكة، ثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم يقول: «لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب». ــ قال الحاكم ــ: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»)([1324]).

وقد وافقه الذهبي في (تلخيص المستدرك): بقوله: (صحيح)([1325]).

أقول: ولم يحسن الحاكم النيسابوري ولا الذهبي في تصحيح هذا

[1323] نصب الراية للزيلعي ج 2 ص 260.

[1324] المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص85 لو كان بعدي نبي لكان عمر.

[1325] تلخيص المستدرك للذهبي ج3 ص92.