نام کتاب : فضائل أهل البيت عليهم السلام بين تحريف المدونين وتناقض مناهج المحدثين نویسنده : وسام برهان البلداوي جلد : 1 صفحه : 529
من الغد أرسل
إليهما بإذنهما وجوائزهما، فأكثر منها للحسن)([1239])،
فأي محدث وأي عالم وأي تقي هذا؟! ألم يسمع أو يروِ قول النبي الأعظم صلى الله عليه
وآله وسلم بأن (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)([1240])؟
فكيف يأمر بإجابة أمير الظالمين وهو ظالم يأمر بالظلم والعصيان؟ أسئلة نترك جوابها
للقارئ الكريم.
فهذه منزلته من حيث العلم والتقوى وخوف الله سبحانه، أما
منزلته من حيث العقيدة فأعجب وأعجب، فقد كان متأرجحا ما بين القدرية والمجبرة، وقد
نقلت عنه أقوال وتصريحات يطول ذكرها هنا، فمن أحب الاستزادة فليرجع إلى ترجمته في
(سير أعلام النبلاء) للذهبي([1241])،
وجميع التراجم التي ترجمت حياته وأقواله، لكن الذهبي حاول أن يخفف لغاية في نفسه
وطأة هذه الفاجعة فقال: (فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد)([1242])،
وقال في (ميزان الاعتدال): (وقد بدت منه هفوة في القدر لم يقصدها لذاتها، فتكلموا
فيه، فما التفت إلى كلامهم، لأنه لما حوقق عليها تبرأ منها)([1243])،
أقول: نعم قد رجع الحسن البصري عن قوله بالقدر، لكن رجوعه عنه كان ظاهريا، لان بعض
معاصريه قد هدده بإيصال خبره وشكايته إلى السلطان وإنزال العقوبة بحقه إن لم ينتهِ
عن قوله بالقدر فلذلك انتهى، كما صرح بذلك محمد بن سعد في (الطبقات الكبرى) حيث
قال: (أخبرنا عارم بن الفضل قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال أنا نازلت الحسن في
القدر غير مرة حتى خوفته السلطان
فقال لا أعود فيه بعد اليوم)([1244])،
ومثل هذا الرجوع لا يساوي فلسا، وهو مرفوض ومردود عليه وعلى الذهبي.
أما منزلة
الحسن البصري من حيث الفقه والرواية فحدث ولا حرج، فلم يكن الرجل من أهل الحديث
ولا من أقاربه، فهو من حيث الفتوى فقد اعترف القاصي والداني بأنه كان يفتي في كثير
من الأحيان