أقول: فيجب على من يصحح رواية أبي بكرة: (أَنَّ النَّبِيَّ ــ صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم ــ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا». فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرُجِحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ وَوُزِنَ عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ فَرُجِحَ أَبُو بَكْرٍ وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرُجِحَ عُمَرُ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ــ صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم ــ)([1228])، ان يثبت أولا ان هذه الرواية ليست من أوهام (أشعث بن عبد الله أو ابن جابر الحداني).

رابعا: وفي السند (الحسن) المعروف بـ(الحسن البصري) وكان كثير التدليس والإرسال وقد دلس هنا وأرسل

وهو (الحسن بن يسار أبو سعيد المشهور بالحسن البصري) وهو من الطبقة الوسطى من التابعين، روى له أصحاب الكتب الستة كلهم، وروى له غيرهم، وهو من الرواة المكثرين وله عشرات الروايات ــ إن لم نقل مئات الروايات ــ في صحاحهم وسننهم ومسانيدهم، وهو من الذين ضخمت شخصياتهم ونسب لها الأساطير والألقاب الوهمية التي يكذبها واقعه العملي وشهادة معاصريه.

فرووا له حكاية باطلة مع أم سلمة زوجة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وإنها كانت تلقمه ثديها تلهيه عند بكائه إلى أن ترجع أمه، وان الحليب كان يدر عليه منها، مع العلم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي قبل مجيء الحسن البصري بأكثر من عشر سنوات، وان أم سلمة لم يكن لها طفل حتى يدر حليبها، وان الذي حصل هو كرامة له، وان العلم الذي تعلمه في الكبر هو من بركة ذلك الحليب، قال المزي في (تهذيب الكمال): (عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي،

[1226] ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 266.

[1227] تهذيب التهذيب لابن حجر ج 1 ص 310.

[1228] سنن أبي داود لابن الأشعث السجستاني ج2 ص398.